هبة راءول
هكذا قال لي أحمد في حماس شديد عندما التقيته قبل بداية مناقشة رسالة دكتوراة أستاذتي هبة النهاردة الخميس زي ما كان معادنا في الكلية الفيبساوية.
في تمام الساعة 12:46 كانت البداية، مرت ثلاث ساعات كأنها طيف عذب رقيق، وبحلول الثالثة إلا الربع انتهت القصة... أم أقول انتهى الحلم الجميل!
كنت حاضرا... نعم!
كنت اسمع... نعم!
لكنني لم أكن مستمعا جيدا؛
طوال هذه الفترة كان خيالي يسبح بي بعيدا... نحو تلك الأيام البعيدة... اثنا عشر عاما مرت منذ أن سجلت أستاذتي هبة للدكتوراة... اثنا عشر عاما قضتها في البحث والدرس، والحركة والنشاط، وبين الدح والتنطيط، رزقها الله بوردتين وعليّ.
لا يمكنك أن تدعي أنك تعرف تلك الشخصية الجميلة دون أن تتطلع في وجوه هؤلاء الحضور...
طيف واسع من البشر، تنوع وتواصل وتناقض واختلاف في الأعمار، والأجيال، والاتجاهات، والوظائف...
إبراهيم البيومي غانم، أبو العلا ماضي، أحمد المسلماني، حازم حسني، حسن وجيه، حورية مجاهد، السيد يس، سيف الدين عبد الفتاح، عبد العزيز شادي، عصام سلطان، علي الدين هلال، علي ليلة، عمار علي حسن، عمرو خفاجي، كمال المنوفي، مصطفى اللباد، مصطفى علوي، معتز عبد الفتاح، منى البرادعي، نادية مصطفى، نبيل عبد الفتاح... وأكثر
لا يمكنك أيضا أن تعرف/ ي كم يحب هؤلاء أستاذتي هبة، إذا كنت لم تأت للكلية الفيبساوية صباح هذا اليوم...
فقبل أن تصعد إلي قاعة ساويرس حيث المناقشة يستقبلك من بعيد عبق الورود، وتداهمك رائحة الفل والياسمين... وده طبعا مش عشان هما حدانا في الكلية الفيبساوية بيحبوا الورد قوي، لأ، سعادتك كان فيه يعني -ما شاء الله ما شاء الله- زهاء اتناشر بوكيه ورد مثلا منورين الحتة هناك...
مش هاتكلم كتير... بس فيه كام مشهد وقفني وقال لي: علي جنب يا أسطى...
[1]
يا ترى فرحة أستاذتي هبة النهاردة قد إيه؟
يا هل ترى إحساسها كان عامل إزاي بعد كل ده، خصوصا مثلا لما سمعت أستاذي الدكتور سيف بيقول: "اليوم نشهد مولد منظرة"؟
هوا شعور والدتها الكريمة كان شكله إيه؟
وهي أستاذتي هبة لما بتفتكر دلوقتي أيام زمان، زي لما كانت مثلا قاعدة تلات أربع أيام في مكتبة لندن عشان كتاب ولا كتابين، بتفتكر إيه؟
[2]
أستاذي الدكتور سيف، وتواضعه الشديد، وحبه الكبير، وتمكنه الفظيع، والكلمة اللي ختم بها تعليقه علي الرسالة: "قرأت هذه الرسالة، ولكنني كنت مناقِشا، ومتعلِما"، ولما تسمعه بيقول: "تعلمت من ثلاثة أصغر مني... علي رأسهم هبة رءوف".
وكمان أستاذنا علي ليلة، كإن ربنا قدر إنه يكون موجود عشان ينافس أستاذي الدكتور سيف في علمه الغزير، وأدبه الجم -ده مش لبان طبعا-، بالذات لما يقول: "أنا قريت مرتين في حياتي... مرة في شبابي لـ "
[3]
حاجة لأستاذتي هبة ولكل حبايبي الحلوين، يعني زي ما قال أستاذي الدكتور سيف تعليقا علي إن أستاذتي هبة بقالها اتناشر سنة "بس" في الرسالة دي: "يعني هي هبة مثال وقدوة في حاجات كتير، بس مش عايزين هذا النموذج يحتذى في التريث".
النهاردة الصبح لما قابلت أستاذتي هبة قالت لي: "إزيك يا عبد الرحمن؟ شكرا علي الورد!"...
أنا ما كنتش باعت حاجة ولا حتى جايب أيتها حاجة معايا، مش عشان ناسي، ومش عشان إحنا النهارده آخر يوم في الشهر...
السبب هو إن وردتي هي دي...
أستاذي الحبيبة
هبة راءول
ألف ألف ألف مسكن
قصدي
ألف
مـ ـبـ ـر ـو ـكـ