كتبت هذه التدوينة البتنجانية يوم 20 أغسطس، وتأخر تحميرها لظروف بتنجانية!
بعد صلاة العصر يوم الأحد اللي فات -19 أغسطس 2007- الرفيق سويلم كلمني، وقاللي "إنت عامل إيه؟، قلت له: "بتنجان!"، رد عليا "هو عشان اللون يبقى مناسب ولا إيه، لأ، أنا عايزك تبقي أحسن من كده"، قلت له: "لأ لأ، إنت كده فهمت غلط خالص، أنا مصمم إني بتنجان"… شرحت له كلام كتير وبعدين قفلنا… بعدها بدقيقتين الشاب حمادة اتصل، وقاللي "عايز أجيلك أنا ورفعت"، شرحت له اللي قلته للرفيق سويلم، فقاللي: "إيه يا عم نظرية البتنجان دي؟"…
طب، أنا هأبسطها لكم وإنتوا احكموا…
بس أولا لابد مما ليس منه بد، يا جماعة أنا أقرقر وأعترفرف وأعزتز وأعلعن وأعبر وأصرحصح وألمحلم وأقولقل وبالفم المليان: "أنا بتنتجان"!
يا ترى ده شيء إيجابي ولا سلبي؟ طب تعالوا نبحث هذه المشكلة البحثية إمبريقيا!
- البتنجان إسود من بره: وده معناه إنه أولا قادر علي جذب أشعة الشمس؛ لإن اللون الأسود أعلى الألوان قدرة علي امتصاص المش عارف إيه كده كما يقول كتاب الفيزياء رحمه الله. ومن ناحية تانية: مش فاكر، كملوا إنتوا - البتنجان قلبه أبيض منور، تقولش قلب خثاية. - البتنجان ممكن يتاكل ني لو إنت مش فاضي تطبخ، -محدش يسألني إزاي أو فين-. - البتنجان ممكن يتاكل حاف، أو بعيش بلدي، أو بكايزر، أو بفينو، أو بالرز، أو بالمعلقة، أو بالشوكة والسكينة -وتفضل الطريقة الأخيرة لأولئك اللي بيخافوا من شماتة أبلة ظاظا فيا-. - البتنجان بيتاكل مطبوخ، وهذا فيه قولان: فممكن يتحمر في الزيت، أو يتعمل مسقعة في الفرن. - البتنجان مسكر -بفتح السين والكاف، ما تودوناش في داهية-، يعني تقريبا زيي بالظبط -اكتشف المغالطة المنطقية في آخر تلات كلمات-. - الناس اللي عندهم سكر ممكن ياكلوه مملح. - البتنجان خضار ديمقراطي وليبرالي كمان، فالناس اللي مش بتحبه مش لازم تاكله غصب عنها، عمرك رحت/ ي لداكتور وقالك "لأ، لأ، مش بتأكليهم مسقعة ليه بس يا حاجة" وكتب لك في الروشتة حلتين بتنجان قبل الأكل؟! - البتنجان خضار من النوع الحَبُّوب -شدوا البي بس حاسبوا أحسن تقطعوها-، الأستاذ بتنجان بيحب الصحبة، فلازم نحط عليه توم وطماطم، وممكن نحط عليه جزر، وبطاطس، وفلفل، ولمون، وكمان ممكن نضيف عليه قلقيلا من الفول السوداني المحمر، أو السكر المحمص، أو الزبيب، أو جوز الهند.
بالهنا والشفا يا ست البيـ... قصدي إيه النظام؟ نكون بتنجان ولا إيه؟!
استنوا هنا! علي فين العزم؟ مش عايز باظمهندس يقول لي في اتجاه القوة! الذوق برده قبل ما مش قبل ما تسيبوني وتمشوا تسمعوا الأغنية البتنجانية بتاعتي...
الأغنية دي ألفتها أول يوم رحت طرة، كنت رايح أنا وميرو ندخل الطبلية للناس اللي جوا، وفضلنا من عشرة الصبح لغاية حوال أربعة العصر، ما علينا من التفاصيل أنا كنت كل شوية بأدندن، وقبل ما أخرج من طرة كانت الأغنية علي لساني... يللا البتنجان علينا حق!
بس للأسف يا جماعة صديكي اللي كان بيخلص الأغنية صادفه قليل فقط من سوء الحظ والاستوديو اللي كان شغال فيه باظ، وكل الهاردات ضربت، وبالتالي مفيش أغنية. فليحيا البتنجان!
"مقال في وعودالإسلاميين والعلمانيين والليبراليين.ما الذي يريده الإسلاميون؟ وما الذي يريده العلمانيون؟ وما الذي يريدهالليبراليون؟ ما من أحد منا إلا ولديه جواب!
لكن قلة من بيننا هي التيتملك الجواب "العالم" والغالب والأعم هو أن الإجابة عن مثل هذا السؤالتأتي دوماً مختزلة مبتسرة عامة بعيدة عن الضبط والتحديد والتدقيق. وكلنايحتاج في حقيقة الامر إلى أضواء كاشفة توجه إلى جنبات وثنايا هذه النظم،وتأذن بإدراك استنارة كافية وضرورية تيسر معرفة محكمة تتقدم إية مقاربةتريد أن تذهب إلى حدود أبعد من تلك التي تتوخاها الحاجة إلى مطلق المعرفة.وهو ما يقصد إليه هذا (المقال) في خاتمة القول. فليس الغرض هو مجردالتعريف بهذه النظم، وإنما تحقيق القول في دعاواها ووعودها، وبيان المدىالذي يمكن اجتيازه من اجل إدراك هذه الحالة من الفعل التضافري التي ألمعتإليها".
"فيالخلاص النهائي: مقال في وعود الإسلاميين العلمانيين والليبراليين".
كتاب مهم جدا، ومن الكتب القليلة التي تناولت الموضوع بأسلوب يضيف ويبني، أو هكذا أراه!
في الخامس من سبتمبر الجاري، كما يشيرموقع دار الشروق الأردنية للنشر والتوزيع، صدر أخيرا عندار الشروق للنشر والتوزيعفي عمّان كتاب جديد تحت عنوان "في الخلاصالنهائي" لمؤلفه فهمي جدعان, حيث جاءت أطروحة هذا الكتاب حول التسليم بأنالكينونة العربية تتقلب في حدود ثلاثة نظم ثقافية مركزية: نظامالاسلاميين، ونظام العلمانيين، ونظام الليبراليين، وبأن كل واحد من هذهالنظم يَشْخَصُ بما هو (رسالة خلاصيّة) حاسمة. غير أن النظر التنويري يبينعن السمة الأيديولوجية الأحادية لها، ويعزز اليقين بأن دعاواها تقصر عنادراك مقاصدها وتضيّق من فسحة الأمل والرجاء عند من يوعدون بها. حيث ينهضالمؤلف بالنظر التنويري في وعود هذه النظم ودعاواها وبالجهد التركيبيالصادر عن النوى القاعدية لهذه النظم وعن المقاصد النهائية لها.وهو يعزز هذا النظر باحاطة شاملة مدققة في المعطيات المفهومية لهذه النظم،في أصولها ومظانها العربية والاسلامية والغربية، مجاوزاً في ذلك حدود مطلقالمعرفة في ذاتها، الى حدود (أطروحة) في التركيب وفي (الفعل التضافري). ومما قاله المؤلف في الإبانة عن أغراضه من أطروحته في هذا الكتاب "قصارىما أقصد اليه أن أستنطق هذه النظم الثلاثة، وأن أذهب الى ما وراء مزاعمهاالظاهرة، وأن أتبين منطقة قوية في كل نظام، بل أن أتبين الغائية النهائيةوالأساس القاعدي الذي يقوم عليه هذا النظام، وأن أزيح جانباً ما أعتقد أنهأساس لا يمكن البناء عليه في الفضاءات العربية الحالية والمنظورة، وأنأبين عن أحوال التجاوز أو التقصير أو الحيرة أو عدم الملاءمة التي تكتنفه،وأن أعاود بناء النواة القاعدية السديدة لهذا النظام وتشكيل الصيغةالمجدية له، على النحو الذي أتصور أنه يوجِّه هذه النوى والصيغ على سبيلالتضافر والتلاقي والفعل المجدي، في فضاءات ديموقراطية-اجتماعية-إنسانية هو الفضاء، أو الفضاءات العربية، وفي الفضاءات الكونية التي لاقِبَل لأحد بأن يغفل عن أحكامها أو يحتقرها".
من صباحية يوم الأحد اللي فات -16 سبتمبر 2007-، اللي هو أول يوم كلية، وأنا قلبي عامل دوشة! تقريبا زعلان وبيعيط! مش عشان جنود أمن السلطة البواسل اقتحموا بيتنا، ولا عشان أبويا معتقل بقاله بالظبط شهر دلوقتي وأنا بطرقع هذه الكلمات -الأحد 16-... ناهيك -حلوة دي- عن إني المفروض مبسوط حبتين، وأمّر بحالة من البهججة المصحوبة بالفرحة المتلغوصة بالسعادة؛ حيث إني أخيييييرا بعد أكثر من 13 شهر، رجعت طالب محترم تاني!
الحكاية وما فيها تستلخص في إني لما رحت الكلية الفيبساوية اكتشفت إني خلاص سِبت -مفيش حد المرة دي عشان الناس زهقت بقى- دفعتي القديمة، وبقيت في دفعتي جديدة. إني أسيب دفعتي القديمة وأبقى في دفعتي الجديدة، شيء كنت متأكد منه من ساعة ما أجّلت السنة اللي فاتت؛ نتيجة لظروف صحية، علي أعقاب معركتي الفظيعة مع الميكروباص -كنت هأقطّعه إربا إربا لولاش بس السواق بن اللذينا خدني علي خوانة أو علي حين غرة-...
وكفاية أساسا إن عمرو القلة هيبقى معايا... بس اللي اكتشفته إن الكلام حاجة، والإحساس حاجة تانية خالص!
لسا فاكر
لسا فاكر نظرية الانحراف اللي طلتعتها "شلة المنحرفون الجدد" في إحدي ليالي الشتاء الباردة من أمام الكلية الفيبساوية بزعامة المنحرف الأكبر: ميرو، وأعوانه المتآمرين: حودة وزيكا وطيفة ووائل، والعبد لله كان منقب الدهب اللي اكتشف تلك المواهب الانحرافية المبكرة -هنحكي علي النظرية دي بعدين-... لسا فاكر أول مرة اتعرفت علي التابعي بيه، كنا رايحين نضرب سنكوشتين في مؤمن أنا وهو ووائل... لسا فاكر لما اتعرفت علي سارة أول مرة من كام شهر، بعد ما كان ببقالنا أكتر من سنتين في دفعة واحدة، وقالت لي كنت فاكراك مش عارف إيه كده... لسا فاكر حمدشي وإحنا واقفين مع بعض، قاعدين نتسنكح أو نستسكعكع قدام الكلية بنبص لبعض ومش لاقيين كلام نقوله من كتر غلبنا قبل امتحانات سنة تانية... لسا فاكر المعلم ميرو وإحنا في محاضرة التنظيم مع دكتور حسن نافعة وهو قاعد يتكلم معايا طول المحاضرة، وبعدين يقعد يسأل الدكتور قال يعني منتبه قوي يا قلة... لسا فاكر نهال ونايري بعد محاضرة الفكر السياسي العربي المعاصر وهما قاعدين يدوروا علي ورق عشان العرض بتاعهم... لسا فاكر أمينو وجيدو وحودة وزيكا وطيفة وكيمو وميرو ووائل وإحنا قاعدين في سيلانترو بنشرح لبعض نظرية... لسا فاكر ألفي وهو مبسوط أوي في أول الترم التاني في سنة أولي عشان هناخد كمبيوتر، للأفس هو جاله انكساح في الأنا الداخلية والخارجية واللاتينية كمان بعد ما شاف الطريقة اليونانية في تدريس القامبطوطر... لسا فاكر ثنائيات الفكر السياسي العربي المعاصر اللي درسته مع أستاذي في سنة تانية، فاكر أكتر ثنائيات الدفعة: آية وسلمى، أماني ومها، سناء وضحى، نايري ونهال... لسا فاكر أول مرة اتعرف علي سيسو وعاشور: كشري التحرير سعادتك... زود الدقة، شطة قليلة!
أحلى دفعة...
آية وسلمى، آلاء، أحمد بتاع إحصاء، أحمد محمودز اللي إيديه إتجزعت وهو نازل يسجد من كتر الخشوع، ألفي الكبير، أماني ومها، إنجي، إيناس، إيهاب، باسم، بلال، بيلي، تابعي بيه، حمدشي، خليل اللي مش بيرضى يصور لحد حاجة، خولي، دعاء اللي في إحصاء، دعاء اللي في سياسة، دينا، رزان، ريم، ريم، زناتي، زيد الفتحاوي، زيكو، سارة، سارة، سارة، سولوم أو إسلام، سمر، سمر، سمية، سناء وضحى، سيسو اللي بيقولوله ياسين، شيرين، شيرين، طيبي، طيفة، عاشور عاشور عاشور، عبجواد، عبظاهر، عمر، عمرو، عمرو، عمرو، فضّولة، قصب، كريم، لميا، ماجد، ماجد القلة، مايا، ماهي، محمود اللي بياكل الكتب، مصطفى الرفيع، مصطفى الأرفع، مصطفى اللي مش رفيع، مصطفى بتاع اقتصاد اللي لا رفيع قوي ولا تخين قوي، معتز اللورد الكبير الذي تجري في عروقه الدماء الأرسترقراطية، مي، مي، مي، مي، ميرو المنحرف، مينا أو مينوز، مينا اللي مش مينوز، نايري ونهال، نصر بتاع اقتصاد، نصر بتاع سياسة، نيفين اللي لسا عارفها النهارده، هادي جدا، هالة، هبة، هيثم، وائل عصام فتحي عبده السيسي اللي بحبه...
مع السلامة!
أعظم دفعة...
آيات، آيات، آية، أبو صلاح، أسماء، أسيل، أمة الرءوف -باللام-، أمنية، أنور، إيمان هانم، إيناس هانم، إيهاب القلة، ابتهال، تامر، توفيق، حسين، خالد عاشور عاشور عاشور، خالد بيه عصام، داليا، دينا، رحمة، ريم، سارة، سارة، سامي، سلمى، سلمى، شهرت، شورى أو ديمقراطية، شيماء -بالألف واللام-، عبغفور، عربي، علي، عليبة بيك، عمرو، عمرو، عمرو -معلهش بقى يا شق! خد مكانك في الطابور-، مايكل، محسن، مجدي، محمود، مراد، مروة أو دينا، ميجا، ميرال، ميدو، نسمة، نورا، هبة الله، هديل، هيمة القلة فيري ماطش، وفاء، يوسف...
في القدسِ كلًّ فتى سواكْ وهي الغزالةُ في المدى، حَكَمَ الزمانُ بِبَيْنِها
ما زِلتَ تَرْكُضُ إثْرَهَا
مُذْ وَدَّعَتْكَ بِعَيْنِها
رفقاً بِنَفسكَ ساعةً إني أراكَ وَهَنْتْ
في القدسِ من في القدسِ إلا أَنْتْ *** يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً، فالمدينةُ دهرُها دهرانِ دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ
وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ والقدس تعرف نفسها..
إسأل هناك الخلق يدْلُلْكَ الجميعُ
فكلُّ شيء في المدينةذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ، يُبينْ في القدس يزدادُ الهلالُ تقوساً مثلَ الجنينْ
حَدْباً على أشباهه فوقَ القبابِ
تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ،
فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ،
تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصَاً فيها
تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها
إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها *** وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها
ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ
أعزائي المشاهدين، يسرنا قدومكم إلينا، هأقدم لكم النهارده ما يسميه البعض السبل المذهلة في فكسكة الاجتماعات المدهولة، أو كما قال الشاعر أي والله أي والله. يوم الخميس اللي فات كان كنت بأدي تدريب علي "إدارة الاجتماعات بفاعلية"، الحاجات كلها موجودة في الملف القلة دكهوت، نزلوه وإقروه، بس قبل ما تقروا، خليكوا فاكرين: إنتوا اللي جبتوه لنفساويتكم!
أول مية -قصدي- أول مرة أحس الإحساس ده! حاسس إني وحيد، حاسس إني عني بعيد! أبويا، واحشني كتير...
بابا... كان نفسي تكون جنبي، كان نفسي تبقى معانا... كان نفسي تبقى مع فاطمة وهي بتستلم كتب السنة الجديدة! كان نفسي تروح مع آية وهي بتجيب لبس المدرسة الجديد! كان نفسي تكون مع علي وهو بيشتري شنطة المدرسة والألوان! كان نفسي توصل سمية المطار وهي مسافرة! كان نفسي تشوف مريم وهي بتلعب في البوصين -حمام السباحة يعني- بالمايوه الجديد! كان نفسي تكون جنبي أول إمبارح -الاثنين 10 سبتمبر 2007- بعد ما الفلاش الجديد بتاعي اتحرق! -معلهش بقى يا
أستاذتي- كان نفسي تروح المستشفى مع أمي لما كانت تعبانة! كان نفسي عمار ياخد مصاريف الكلية بتاعته من حضرتك بنفيستك!
عارف إنه مش بمزاجك... وإنك كنت تتمنى تكون وسطنا دلوقتي، بس نعمل إيه بقى؟ يللا مش مهم! ربنا عالظالم والمفتري، والمفتريين اللي ساكتين عالظالم والمفتري.
بس لأ! الليل ده ليه أكيد له آخر، حلمنا مش هيموت، هنفضل بشر، الإنسان هيفضل عايش جوانا... مش هيقتلوه، ولا هيدفنوه، ما يقدروش يسجنوه، أو يحبسوه، أو يخطفوه!
بجد واحشني يا أبي! أنا تعبااااان قوي... بس ما تقولش لحد -أو سبت-!
يا ترى -يا هل ترى- هأعمل إيه في الأيام الجاية؟ يا ترى مين هيفتح لي الباب لما آجي متأخر بالليل من
الكلية الفيبساوية؟ يا ترى مين هينزل معانا يشتري لبس العيد؟ يا ترى هنستنى مين عالفطار السنة دي؟ يا ترى مين هيدينا العيدية العيد الجاي؟
وبعدين تعالى هنا! هو سيادتك راح تجعد حداكوا في السجن -قصدي في طرة لاند- لغاية العيد ولا إيه؟ أقولك فكرة جامدة آخر حاجة، وكامل -وحسين- حقوق النقل والقلقاس محفوظة لعمو أحمد النحاس، قول لهم "مش لاعب" وخد هدومك وروَّح!
منذ سنوات كثيرة، رأيت فيلما بولنديا صامتا لا يزيد طوله علي عشر دقائق، ظلت قصته تعود إلي ذهني من وقت لآخر، وعلي الأخص كلما رأيت أحدا من أهي أو معارفي يصادف في حياته ما لا قبل له برده أو التحكم فيه. تبدأ القصة البسيطة بمنظر بحر واسع، يخرج منه رجلان يرتديان ملابسهما الكاملة، ويحملان معا، كل منهما في طرف، دولابا عتيقا ضخما، يتكون من ثلاثة ضلف، وعلي ضلفته الوسطى مرآة كبيرة. يسير الرجلان في اتجاه الشاطئ، وهما يحملان هذا الدولاب بمشقة كبيرة، حتى يصلا إلي البر في حالة إعياء شديد، ثم يبدأن في التجول في أنحاء المدينة وهما لا يزالان يحملان الدولاب. فإذا أرادا ركوب الترام حاولا صعود السلم بالدولاب وسط زحام الركاب وصيحات الاحتجاج. وإذا أصابهما الجوع وأرادا دخول مطعم، حاولا دخول المطعم بالدولاب فيطردهما صاحب المكان.
لا يحتوي الفيلم إلا علي تصوير محاولاتهما المستميتة في الاستمرار في الحياة وهما يحملان ولابهما الثقيل، إلي أن ينتهي بهما الأمر بالعودة من حيث أتيا، فيبلغان الشاطئ الذي رأيناه في أول الفيلم، ثم يغبان شيئا فشيئا في البحر، حيث تغمرهما المياه وهما لا يزالان يحملان الدولاب. منذ رأيت هذا الفيلم وأنا أتصور حالي وحال كل من أعرف وكأن كلا منا يحمل دولابه الثقيل، يأتي معه إلي الدنيا ويقضي حياته حاملا إياه دون أن تكون لديه أية فرصة للتخلص منه، ثم يموت وهو يحمله. علي أنه دولاب غير مرئي، وقد نقضي حياتنا متاهرين بعدم وجوده، أو محاولين إخفاءه، ولكنه قدر كل منا المحتوم الذي يحكم تصرفاتنا ومشاعرنا واختياراتنا أو ما نظن أنها اختياراتنا. فأما لم اختر أبي وأمي أو نوع العائلة التي نشأت بها، أو عدد إخوتي ومقعي بينهم، ولم اختر طولي أو قصري، ولا درجة وسامتي أو دمامتي، أو مواطن القوة والضعف في جسمي وعقلي، كل هذا عليّ أن أحمله ظاينما ذهبت، وليس لدي أي أمل في التخلص منه.
الهادئ الذي لا تجد أفضل منه كي تحدثه... ربما لا يكون أحسن من يسمعك، لكنه بلا شك أفضل من يستمع إليك...
العاقل المحب، لا تدفعه عاطفته إلي فعل ما قد يندم عليه، ولا يقيده عقله عن لمسة عطف حانية، أو قبلة ود دافئة، أو همسة حب خافتة...
المناضل الذي بذل عمره وصحته في سبيل خير هذا البلد... فنهاره وليله وهبه لله، يقضي أيامه ولياليه بين عمله الحياتي، ورعاية بيته وتربية أهله، وصلة رحمه وعائلته، وتعليم الناس وتنوير حياتهم، وتعمير هذا البلد والسعي من أجل نهضته وتطوره، والعمل المدني والدعوي في سبيل رفعة -وإبراهيم طبعا- هذا البلد وهذه الأمة.
المحب الذي لا تمنعه انشغالاته عن أبنائه، فرغم إني سعات كنت بشوفه مرة كل أربع خمس أيام، لكن لا تستطيع تجد أبا وابنا علي مثل هذا الحب والتفاهم والثقة والتفاني...
القانع المتصدق بعلمه ووقته وجهده وعرقه من أجل وطنه، وكم من مرة جاءته الفرصة كي يخرج من ضيق هذا البلد إلي سعة الدنيا، ومن ذل أهل هذا الوطن المسلوب إلي مكان يأمن فيه المرء علي عزته وكرامة أبنائه... ولكنه آثر سعة الدنيا والآخرة علي دنيا حقيرة فانية، واختار أن يعيش في هذا البلد الذليل أهله، المطحون شعبه؛ ليحيل ليله نهارا وينشر فيه العدل والرحمة والحرية بعد أن ملأها الطغاة ظلما واستكبارا...
الحر، الذي لم تكبله الدنيا بنعيمها، ولم يأسره أحد بماله، ولم يقيده الظالمون، حتى وإن قيدوا يديه، فروحه طليقة عصية علي الأسر، وإرادته رهيفة مستعصية علي الكسر... لم تكن الحرية أبدا شعارا يرفعه، أو بروازا يعلقه، كانت سلوك حياته ومنهجه في تربية أبنائه، كم من مرة اختلفنا في أمور تخصني، فقدم رأيي علي رأيه، وفضل راحتي علي راحته، ولا يقلل ذلك من طاعتي له إذا أمرني، ولكنه رباط الحب، والمسئولية، وبناء الإنسان الحر يأتي أولا.
المكافح في سبيل مبادئه، المناضل من أجل حرية هذا البلد، من أجل كرامة أهل هذا البلد، لم يبدله اضطراب الصفوف، ولا صوت أقدام العسكر الغليظة، ولا تراجع صديق، ولا شماتة عدو...
الثابت علي مبادئه التي آمن بها، وعلي طريقه الذي اقتنع به، رغم كيد الكائدين، وتدبير الشياطين، وإفساد الظلمة المفسدين، وطغيان المستبدين... من رأي الناس تتخطف من حوله، فما وهن ولا لان، ولا ضعف، ولا استكان...
لا مؤاخذة يا أبويا، عارف إنك هتضايق عشان مش بتحب حد -ولا سبت كمان- يتكلم عنك، بس أنا ما قلتش حاجة أصلا... آسف كمان إني اتكلمت عنك من غير ما اتكلم عن نصك التاني: رفقية دربك وشريكة حياتك: أمي... بس للأسف لو اتكلمت عنكم إنتوا الاتنين في تدوينة واحدة ممكن البلوجر يقع... فسامحني بقى، هاضطر أضحي من أجل الإنسانية وأحافظ علي البلوجر سليم... ربنا يخلي لينا البلوجر.
ربنا يخليكوا لينا: أبي وأماه/ أبتاه وأماه برده/ دادي ومام/ بابا وماما/ بابتي ومامتي... اللهم احفظ والديّ، وكل إخواننا وأخواتنا، وكل أباءنا وأمهاتنا، وكل حر وكل حرة، وكل شريف وكل شريفة علي ظهر هذا الكوكب الأزرق.
من غير كلام كتير... دادي، أنا فخور بيك... بحبك في الله!
أبويا اللي بحبه... في يوم من الأيام اتعلمت منك إن الدنيا دي صغيرة قوي؛ لإنها كبيرة جدا، وفي الوقت نفسه -سايمالتينياصلي يعني- كبيرة خالص، لإنها أصغر مما ينبغي. أنت حر يا أبي، فما سجنوك ولا اعتقلوك، بل هم المسجونون، هم المسجونون داخل نفوسهم المريضة... ترى أيستشعر كبيرهم هذا لمحة من نفسك المتوقدة، أو طرفة من عزيمتك المتوثبة، أو لمعة من همتك الماضية...
أبي... حر أنت في زنزانتك، أما هو ففي قصره مسجون!
يا أبتِ، لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها... ولكن صدور الرجال تضيق!
بابا، بحبك يا أحلى أب في الدنيا... بحبك لإنك علمتني كل حاجة في الدنيا... بحبك لإنك عملتلي أحلى حاجة في الدنيا... كنت عايزني أكون نفسي، علمتني أكون نفسي: أكون عبدو، مش أكونك ولا أكون أي حد تاني في الدنيا... علمتني إن جوا كل بني آدم جوهرته اللي مش ممكن أي حد -ولا سبت بالتأكيد- يلاقي زيها... إن كل واحد لازم يدور علي جوهرته، ويلمعها وينضفها، وإن كل واحد عليه يخليها دائما منورة، علمتني إن حاجات كتير ممكن تنور الجوهرة، بس مفيش زي نور ربنا...
أبي... ما تخافش علينا يا أبي، ربنا معانا، والحق معانا، والحب معانا، والخير معانا، والعدل معانا، والحرية معانا، والرحمة معانا، وأهل البلد دي هيبقوا معانا... وبكرة أفكرك يا حاج سحس!
يقولون رمضان شهر التوبة... لطيف! ولكن ما هي التوبة أساسا؟!
ما أجمل أن يسعى الإنسان إلي اكتشاف ذاته من جديد، وبناء علاقته مع خالقه علي أسس جديدة، ومنها ينطلق نحو تغيير حياته كلها: نفسه، أهله، عائلته، بلده، أمته، عالمه... فيستوعب ماضيه: بوثباته وعثراته ونهضاته وكبواته، ويفهم حاضره بمحنه ومنحه، ويصنع مستقبله بآماله وآلامه... فلنكتشف آفاقا جديدة لهذه الأحرف المرصوصة، ولنبحث عن أبعاد أخرى لتلك الكلمة التي طالما سمعناها... ولطالما مللناها؛ لأننا يوما ما وعيناها ولا بقلوبنا لمسناها! إقرأوا -لا بأعينكم- بل بشغاف قلوبكم تفنضلوا
التوبة التي سنتعرف عليها مع شروح بسيطة هي: التوجّه إلى الله تعالى بلمّ الشعث مجدداً، مع الاعتراف بالأخطاء، وتجرّع غصص الندم، والعزم على تلافي ما فات. هذه التوبة لدى أهل الحقيقة هي معاودة بذل الجهد لبلوغ الموافقات والمطابقات في ضوء أوامر الله ونواهيه سبحانه وتعالى، نجاةً من مخالفات وقعت تجاه الذات الإلهية؛ في الشعور، في التفكير، في التصور، في السلوك. وليست التوبة ترك ما يعافه الوجدان والشعور بالتقزز منه فحسب، بل هي الرجوع إلى الله سبحانه عمّا لا يحبه ولا يرضاه تعالى حتى لو كان ذلك الشيء جميلاً ونافعاً بظاهر العقل.
وكذا التوبة تستعمل بإضافة كلمة "نصوح" إليها، فتصبح "توبة نصوحاً". بمعنى: أنها أخلص توبة، وأصفاها، وأنها صادرة من أعماق القلب. وبمعنى آخر: أنها رأب الصدع، ورتق الفتق، وإصلاح الفاسد دون ترك ثلمة مهما كانت. فإذا أخذنا ما ذُكر أعلاه معاً بنظر الاعتبار فالتوبة النصوح تعنى: أن الفرد يتوب باسمه، وبحسب مستواه، ومن أعماق قلبه خالصاً جاداً، بحُسن نية وخلوص قلب وبقصد الخير.. والتائب بحُسن امتثاله هذا يكون كالناصح للآخرين. والقرآن الكريم عندما يذكر التوبة الحقيقية يشير إلى هذه التوبة بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا" (سورة التحريم: 8).
وقد تناول الباحثون التوبة في ثلاثة أقسام باعتبار التائبين وأوضاعهم:
أ . توبة عوام الناس، وهم المحجوبون عن الحقائق: هي الشعور بغموم مخالفة أمر الحق سبحانه وأساها في القلب. فيدرك المرء إثمه بسَرَيان هذا الشعور في وجدانه، ويتوجه بكل كيانه إلى بابه تعالى معبّراً بكلمات التوبة وعبارات الاستغفار المعروفة.
ب . رجوع الخواص الذين بدأوا بالتنبه إلى حقائق ما وراء الستار، إذ ينشرون أجنحة الهمة، عقب كل حركة ونأمة وفكرة تخالف أدب الحضور والمعية، ليستنجدوا برحمة الحق تعالى ويلتجئوا إلى عنايته، أمام كل غفلة صغيرة كانت أم كبيرة، تكثفت في القلب وغشيت أفق البصيرة. فالروح التي تبذل هذا الجهد قد نالت حقاً ما وصفه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من حقيقة في حديثه الشريف (التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ فإذا أحب الله عبداً لم يضره ذنبه) ثم تلا: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) قيل: يا رسول الله وما علامة التوبة ؟ قال: الندامة) .
ج . توجّه أخص الخواص الذين يديمون حياتهم في أُفق (إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي). حيث يقتلعون كلَّ ما يتعلق بما سواه تعالى ويكون حجاباً في قلوبهم وفي سرّهم وفي أخفى خفاياهم، ويجتثونه من أعماق ذواتهم، ويرمونه في وديان العدم، فيعاودون استشعار علاقتهم بنور الأنوار، مظهرين حقيقة قوله تعالى: "نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ" (سورة ص:44) سائرين في مدار "الأوب".
والتوبة التي هي تجديد الإنسان لنفسه باستمرار، أو رجوعه إلى صفائه الأصلي وانسجامه مع فطرته الذاتية، بعد تعرّضه لتشوهات طبْعية وداخلية، تحتوى كل مرتبة من مراتبها على امثال الأمور الآتية:
1. الندم من أعماق القلب. 2. تذكّر الأخطاء السابقة بارتعاش ورِِعدة. 3. إزالة المظالم ونصرة الحق. 4. إيفاء الواجبات والتكاليف الفائتة حقَّها وإمعان النظر مجدداً في المسؤوليات. 5. ملء الخواء الذي أحدثته الأخطاء والزلاّت في الروح، بالعبادة والطاعات واغتنام التضرعات في جوف الليالي. 6. وبالنسبة للخواص وأخص الخواص: التحسر والبكاء على الحياة التي تمضي دون ذكر وفكر وشكر، والتأوّه والأنين وَجلاً مما يمكن أن تسرّب بقصدٍٍ مما سواه تعالى في الشعور والفكر. إن الذي لا يئن ولا يتوجع من الخطأ مهما كان مستواه في أثناء التوبة ولا يرتعش نادماً من عثرات يمكن أن تحدث، ولا يشعر باشمئزاز ولا يتملّكه الازدراء نحوها، ولا يرتعد من احتمال وقوعه تحت خط الاستقامة مرة أخرى- رغم كل شيء- نتيجةَ بُعده عن الله سبحانه، ولا يحاول التخلص مما وقع فيه من أخطاء وزلاّت في عبوديته لله وتخلّقه بالعبودية.. يكون كاذباً في توبته.
يعني:"لقد تبتُ إلى الله توبة حقيقية بحيث لا أتراجع عنها إلى أن يفارق الروحُ الجسد. فلا يخطو بعد تلك المحنة إلى الهلاك والخطر إلاّ الحمار".
أجل، التوبة قَسَمُ الفضيلة وعهدُها. والثباتُ عليها بطولة وشأن إرادة حازمة، فمن راعى أصول التوبة وثبت عليها فله مرتبة الشهداء، كما أخبر بذلك سيد الأوابين. ويخبر كذلك أن من لا يتخلص كلياً من الآثام والخطايا رغم كثرة قيامه بالتوبة فإنه يهزأ بالباب الذي يتوجه إليه التوابون والأوابون.
نعم، إنه ليس جاداً في دعواه من يقول: أخاف جهنم، ولا يتجنب الذنوب. ويقول: أنا مشتاق إلى الجنة، ولا يعمل صالحاً. ويقول: أحب الرسول صلى الله عليه وسلم ويهمل السنن النبوية. كما أن من الصعوبة بمكان قبول إخلاص الذين ينقضون عهودهم ويمضون حياتهم في اجتراح الآثام، وتوبات صورية، حتى لكأن توبتهم هذه مجرد توقفات في ثنايا المعاصي.
إن أول منـزل للسالك وأول مقام للطالب هو "التوبة". أما مقامه الثاني فهو "الإنابة". ونمر مرّ الكرام على الإنابة الشائعة بين الصوفية وهي الأصول والآداب والأعراف المتبعة في مراسيم الانتساب إلى أي مرشد، فنقول:
مثلما أن في التوبة توجيهاً للشعور والفكر والسلوك من المخالفات إلى الموافقات ومن المعارضات إلى المطابقات، ففي الإنابة محاسبةٌ وتفقّد لمطابقات الفرد وموافقاته الموجودة. فلئن كانت التوبة سياحة في أفق "السير إلى الله" فالإنابة هي "السير في الله" و"الأوبة" معراج في رحاب "السير من الله".
ويمكن أن نعرّف أيضاً هذه التوجهات الثلاثة بالآتي:
إن الالتجاء إلى الله خوفَ العقوبة، هو التوبة. والفناء في الله برغبة الحفاظ على المقامات والدرجات هو الإنابة. والانغلاق تجاه كل ما سواه تعالى هو الأوبة.
فالأول: صفة جميع المؤمنين، وأذانُهم: "وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ" (سورة النور:31) من جميع الزلاّت والخطيئات.
والثانية: صفة الأولياء والمقرّبين، وإقامة عبادتهم من حيث المبدأ "وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ" (سورة الزمر:54) ومن حيث المنتهى "وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ" (سورة ق:33).
والثالثة: خاصية الأنبياء والمرسلين، وشعارهم "نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ" (سورة ص:44) فهذا تقدير وتكرمة إلهية. فلا توبة لمن هم في معية الله في كل وقت حيثما كانوا وكيفما كانوا غير فاقدين للشعور بالحضور الإلهي ولو للحظة. لذا فكلماتهم المعبّرة عن التوبة تفيد معنى "الأوبة" أو "الإنابة". فلا يمكن فهم قول سيد الأنام عليه الصلاة والسلام: (وَاللهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً) إلاّ على هذه الصورة.
ومن ناحية أخرى فالتوبة هي لمن لا يعرف "القرب" و"المعية"، لأن الذين يديمون حياتهم في آفاق القرب، يعدّون الرجوع إلى الله المهيمن على جميع تصرفاتهم والرقيب على كل ما يعملونه والأقرب إليهم من كل شيء، يرونه -بمعناه لدى العوام- غفلة. فهذه المرتبة ليست مرتبة أهل وحدة الوجود بل أهل وحدة الشهود، بل هي مرتبة أعلى منهما وأرفع، فهي مرتبة السائرين في ظل مشكاة محمد وسنة أحمد عليه أكمل التحايا وأتم الصلوات.
ومن هنا فتكلم الذين لم يبلغ مستواهم هذه المرتبة، وهم غارقون في" الطبيعة" منهمكون بـ" الوجود"، وذكرهم "الأوب" و"الإنابة" ولا سيما حول منتهى هذه المقامات، كَلِمَات شَوَارِد تُكَالُ جُزَافًا.
اللّهم اجعلنا من الذين آمنوا وتابوا وأصلحوا إنك غفور رحيم، وصلّ وسلّم على محمد سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
يعني ايه "نجوم الحيرة"؟!... اسم غريب قوي... مش كده؟... عموما... واضح إنه فاتتك أول تدوينة... عشان تفهم يعني إيه نجوم الحيرة...إقرا - --- - بداية نجوم الحيرة- - -- -