القمع في الصغر... كالنقش علي الحجر!
النهاردة كنت راكب أوتوبيس -وده في حد ذاته إنجاز-، كان الأوتوبيس فاضي شوية -وده في سبت ذاته شيء أغرب-...
الحمد لله، ما فيش حد استعار مني أي حاجة زي واحد صاحبنا...
ما علينا، المهم يعني، ركبت وقعدت، لقيت واحدة ركبت ومعاها ابنها الصغنغون...
بعد شوية انطلق الصغير في بكاء مر غريب عجيب، لم يكن ينوي التوقف عنه، وفشل كل الجالسين في إرضائه أو إسكاته رغم التهديد والوعيد، والإغراء والإطراء!
"الواد" يا عيني كان عايز يخرج من الكرسي؛ عشان يتمشى في الطرقة، بس "المامي" بتاعته كانت منعاه!
وهاتي يا حاجة بقي زعيق، وشخط، وضرب، ورزع، وشتيمة وحاجات تانية كتير كده، مش عايز افتكرها أساسا...
الكمسري كان معدي بيقطع التذاكر، طبعا ما سابوش في حاله، قعد يزعق له هو كمان، لأ وإيه إداله علي دماغه، ولم يتورع عن أن يقول للطفل المذعور: "بس ياد، هانزّلك من الأوتوبيس"، حتى وصل به الأمر إلي ضربه بالقلم، بل وأمام المامي اللي تشجع الكمسري، الذي افترس الصبي المسكين، ماديا ومعنويا...
شوية وواحدة تانية "تتوعت" بالمرة، وقعدت تزعق له، وقالت له: "لو ما سكتش، عمو السواق هايجي يضربك"، ما نفعش، قالت له: "ها ننزلك ونجيب لك عمو العسكري"، وتخيلوا إنت بقى لو جابوله عمو العسكري، بس برده كل ده ما جابش نتيجة، قامت مطلعة له "بنبوناية" وقامت اديتها له... رماها في وشها!
المامي بتاعته صحت تاني تقريبا، وخدتها الجلالة، وقامتن قالت له بكل حمية وحماسة: "لو ما سكتش دلوقتي يا غبي إنت، أنا ها طلع لك العصاية من الشنطة"...
جه الدور علي أحد العواجيز اللي قاعدين قدامها، واللي طبعا اتفقع من تلك الطريقة الهستيرية التي يبكي بها الطفل، واللي اتشل أكتر من الأسلوب الأهبل اللي اتعاملت بيه أمه معاه، الراجل كتر خيره قالها: "هاتيه يا ست، أن هاتفاهم معاه"، وبكل حماسة ووقاحة قالته: "لأ؛ إنت مش هـ....."!
ست تالتة ركبت متأخر وما شافتش الفيلم من أوله، بس "تتوعت" برضه وقالت له: "بس يا ولد، هاطلع لك الحقنة من الشنطة".
- - - - -
مش مهم كان بيعيط ليه، أو علي إيه!
ومش فارقة قوي برده إن "المامي" تبعه، كانت خايفة عليه أحسن يقع ولا حاجة!
الحقيقة اللي قعدت أفكر فيه هو: ليه الولد ما كانش راضي يقول لها في البداية علي التصريح لأمه باللي هو عايزه؟ ليه ما كانش عايز يسكت، ويستجيب للناس بعد ما نجح في جذب انتباه الناس، وتعريفهم بقضيته، وبعد أن استطاع -ليس فقط- تجميع الرأي العام، وكسب تعاطفه، بل أصبحت مصلحة جميع من في الأوتوبيس أن يصمت ويهدأ؟!
السؤال الأهم: ليه فضيلة المامي العظيمة بتاعت حضرته ما لقيتش غير الطريقة الفاشلة دية؟ وليه الناس كلها كانت بتشتمه رغم إنه ما عملش حاجة غلط؟
هو ليه دائما بيخوفونا بمن يفترض أن يقودونا؟
يبدو أن الصدفة وحدها أجابت هذه المرة، اللي بنقول عليهم "قادة" -قائد الأوتوبيس- أصبحوا "سواقين" -سواق الأوتوبيس-.
وليه دائما بيتحول الشرطي والعسكري من رمز للشعور بالأمن، وأساس الإحساس بالأمان، إلي أصل الضرر، ومنبع الخوف، ومصدر الرعب، حتى وجدانيا!
بس خلاص!
هناك ٣ تعليقات:
و الله يابين بص...
هي دي الحياة... الثقافة لازم تنتقل من جيل لجيل عبر عملية المعرفش ايه... بيقولولها تنشئة باين...
فثقافة القمع اللي سيادتك بتقول عليها دي مهمة جدا... و كل تجلياتها لازم نقف عندها كتير...
بس في شوية أسئلة عاوز أضيفها لكبشة الأسئلة اللي انت رميتها في الآخر دي...
هو يه الناس كلها فرضت وصايتها علي الطفل ده؟ هما مالهم؟ و ليه يتدخلوا؟ هل لو كان الخلاف محتدم بينه و بين المامي بتاعة هو، بس من غير ما ده يأثر عليهم كان حد حيهتم بيه؟
هو ليه الناس كلها مشافتش غير النتيجة النهائية و هي إنه بيعيط و عامل إزعاج... و بالتالي فالهدف مش إن المشكلة تتحل - بغض النظر عن الوسيلة القمعية اللي كلهم استخدموها - الهدف إنه يبطل إزعاج؟؟
ليه الولد رفض التعليمات الوصائية الواضحة جدا؟ هل كان الخطأ منه؟ و إنه ولد مش متربي و قليل الأدب؟ وللا كان في خلل تاني في العملية التربوية في عامل آخر غير المتلقي الذي هو موضوع العملية التربوية؟
بس كفاية كده...
الموضوع مش بس الرموز اللى بيقمعه بيها
ما هو ممكن يقول له العو
والرمز ميشكلش عند الواد أى فرق
مجربش هو العسكرى ولا السواق
هو بس حاسس أنها حاجة وحشة
بس المشكلة أن محدش حاول يفهمه
ويفهمه
(إفهامه وفهمه بالعربى الفضيح)
علشان يعقل
الكلام باين منه إن حضرتك ماكانش ليك فى الموضوع من أساسه
طب لما انت جنبها ,ما تتصرف مع العيل الغلس ده
يعنى خده على حجرك ولا اشغله فى أى حاجة تبعد عنه موجات القهر المتوالية على رأسه
المهم
موضوع شائع وكلنا عدينا بيه بشكل أو بآخر
إرسال تعليق