هوامش علي دفتر اللي جراله
من فترة وأنا عايز أكتب عن ظاهرة أظن أنها مهمة، ولافتة، ومثيرة...
بس قبل ما نبتدي فيه كام نقطة نظام لازم يتقالوا:
-1-
الموضوع ده كله أساسا انطباعات شخصية، ومعها ربما بعض النقاشات مع الأصدقاء وزملاء الكار... وعشان كده ربما تجد/ ين أن الموضوع تغلب عليه الذاتية، ويمكن شوية تحيزات نتيجة طبيعة التكوين المعرفي والثقافي والاجتماعي... المهم يعني الكلام ممكن يكون شكله كبير بس لو حد مش فاهم أو مش عاجبه... ممكن يقول عليه كلام فاضي... وبعدين يرميه في أقرب...!
-2-
هذه مجرد مشاهد رأيتها وخواطر أحسستها، ولذلك فهي بالتأكيد ليست أحكاما نهائية، بل مجرد بداية لحوار ممتد ممكن يطول شوية، ومن ثم فالساحة مفتوحة للأخذ والرد، والموافقة والاعتراض، وإظهار الإعجاب أو التعجب أو الخنقة أو الفرسة أو الامتعاض.
-3-
كل ما ستجدونه هنا مجرد أطروحات أولية ومواقف مبدأية، ليس الهدف من عرضها التأكيد عليها ونشرها، وإنما التأكد من صحتها واختبارها... وأحد الأشياء التي أتمنى رؤيتها مقدار الاختلاف بين ما سأطرحه في البداية، وما سنصل إليه في النهاية.
-4-
أزعم أن هذا الموضوع سيتيح مجالا كبيرا وواسعا للاختلاف والاجتهاد والتأويل والاستحسان والاستبعاد والاختيار والتضحية... فحتى نصل بسفينة الحوار إلي بر الأمان: عايزين نحترموا وقتنا، ونحافظوا علي بعضشنا، ونعلى بنفسياتنا مع ذات نفسياتنا... يا كباتن، عايزين جودة في الأداء!
طيب...
كان ياما كان، يا سعد يا إكرام، في يوم من الأيام، في سالف العصر و الزمان والمكان والأوان، ظاهرة اسمها التدوين... ظهرت في أوروبا والدول المتقدمة -اللي هي بتاكل مع الكباب طحينة-، ولم تكن -فيما أعلم حتى الآن- سوى مساحة حرة للكتابة، أخذت طابع المذكرات الشخصية عموما...
المهم الأخت تدوين سافرت وإجت عندنا، ومع مساحة الحرية الواسعة التي تمنحها المدونات، اكتسبت ظاهرة التدوين مساحات وأبعادا وأدوارا أخرى غير التي كانت عليها في بيتها ومطرحها، وأثارت أسئلة وقدمت إجابات، وعبرت عن مخاوف، وكشفت عن انطباعات، وأبدت ملاحظات كانت قد غابت أو تورارت خلف ستار المشهد الدامي في مصرنا المخروسة، أهمها -فيما أرى-:
[ مولد التدوين في مصر ]
[1]
ترى ماذا يمكن أن يحدث عندما نأتي بظاهرة تقدم مساحة ضخمة من الحرية كظاهرة التدوين، في مجتمع مكبوت مقهور مثل مجتمعنا العزيز؟
ليس أقل من ذلك الصوت الذي نسمعه عندما نضع الطاسة التيفال في الحوض بعد ما نقلي البيض!
ما حدث ببساطة هو التالي: تم استثمار أسلوب التدوين، بمميزاته الكبيرة والجديدة علي مجتمع الديجيتال -فضلا عن المجتمع العربي الراكد الراقد-، كأحد أدوات معركة الإصلاح -لا أقول السلطة-، وتم توظيفه في حرب التغيير...
ظهرت وتبلورت مجموعة من المدونات، يمكن أن نسميها "المدونات الرموز": قادت وأدارت هذا "النضال" الإلكتروني، وكانت المسئولة عن إدخال ودعم التدوين في مصرنا المفروسة، وازداد الزخم واحلو اللعب أكتر مع اتساع ساحة المواجهة لتشمل أقسام الشرطة، وأقبية السجون، وساحات المحاكم، إضافة إلي الحروف والصور والكلمات.
باختصار...
كانت لحظة الاستقبال لحظة فارقة، وصادمة، ومفاجئة، وموحية...
- كانت لحظة فارقة بين عهدين: عهد منعت فيه الكلمة -أية كلمة-، وعهد جديد لم يجد المنع متسعا له فيه...
- كانت لحظة صادمة لمجتمع أبي إلا أن يعيش منافقا لنفسه حتى النهاية، يخشى المواجهة، ويقدس كل ما يتوهمه ثوابتا، حتى أصبح كالدبة التي قتلت صاحبها.
- كانت لحظة مفاجئة لنظام متسلط مستبد تيبست أركانه، وإيديه اتقشفت، وريقه نشف... أصبح في حالة يرثى لها، وقد تبين جبنه وضعفه وخوفه ورعبه وبلله حتي أمام "مجرد" قلم وورقة أو كيبورد وماوس.
- كانت لحظة موحية، قد تبدو لمن ينظر من بعيد أملا جديدا لاح في الأفق... لكن الدرس الأهم الذي كان علينا أن نستوعبه ونفهمه جيدا أن علينا أن نغير وسائلنا ونجدد عملنا، بعد أن أصبحت كل وسائلنا وأدواتنا تقليدية قديمة عتيقة... وهذه الوسائل والأدوات التقليدية القديمة العتيقة، عديمة النفع، بالية القيمة.
ليس أقل من ذلك الصوت الذي نسمعه عندما نضع الطاسة التيفال في الحوض بعد ما نقلي البيض!
ما حدث ببساطة هو التالي: تم استثمار أسلوب التدوين، بمميزاته الكبيرة والجديدة علي مجتمع الديجيتال -فضلا عن المجتمع العربي الراكد الراقد-، كأحد أدوات معركة الإصلاح -لا أقول السلطة-، وتم توظيفه في حرب التغيير...
ظهرت وتبلورت مجموعة من المدونات، يمكن أن نسميها "المدونات الرموز": قادت وأدارت هذا "النضال" الإلكتروني، وكانت المسئولة عن إدخال ودعم التدوين في مصرنا المفروسة، وازداد الزخم واحلو اللعب أكتر مع اتساع ساحة المواجهة لتشمل أقسام الشرطة، وأقبية السجون، وساحات المحاكم، إضافة إلي الحروف والصور والكلمات.
باختصار...
كانت لحظة الاستقبال لحظة فارقة، وصادمة، ومفاجئة، وموحية...
- كانت لحظة فارقة بين عهدين: عهد منعت فيه الكلمة -أية كلمة-، وعهد جديد لم يجد المنع متسعا له فيه...
- كانت لحظة صادمة لمجتمع أبي إلا أن يعيش منافقا لنفسه حتى النهاية، يخشى المواجهة، ويقدس كل ما يتوهمه ثوابتا، حتى أصبح كالدبة التي قتلت صاحبها.
- كانت لحظة مفاجئة لنظام متسلط مستبد تيبست أركانه، وإيديه اتقشفت، وريقه نشف... أصبح في حالة يرثى لها، وقد تبين جبنه وضعفه وخوفه ورعبه وبلله حتي أمام "مجرد" قلم وورقة أو كيبورد وماوس.
- كانت لحظة موحية، قد تبدو لمن ينظر من بعيد أملا جديدا لاح في الأفق... لكن الدرس الأهم الذي كان علينا أن نستوعبه ونفهمه جيدا أن علينا أن نغير وسائلنا ونجدد عملنا، بعد أن أصبحت كل وسائلنا وأدواتنا تقليدية قديمة عتيقة... وهذه الوسائل والأدوات التقليدية القديمة العتيقة، عديمة النفع، بالية القيمة.
[2]
تبدى سؤال مهم وسط ركام ذاك المشهد المضطرب، وهو: أين الإخوان؟...
بطبيعتي، لست أميل إلي هذه التصنيفات و-التي تستدعي وتستعدي بالضرورة- خبرات وتحيزات واختيارات، ولكن لابد مما ليس منه بد -وفي رواية أخرى اللي مكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين- وعملية التصنيف والتعريف أحد أهم وأولى مراحل البحث والتحليل...
ما علينا... المهم يعني عندما دخلت ظاهرة التدوين إلي مصرنا المنكوبة -بنا أولا-، كان "حارس البوابة" بالأساس ممن يوصفون بـ"الاشتراكيين" و"الشوعيين" وغيرهم من أعضاء حركة كفاية بالأساس.
-"حارس البوابة" مفهوم اتصالي يشير إلي عملية انتقال وتفاعل المفاهيم والظواهر بين الثقافات والحضارات المختلفة، ويعني من قام بنقل المفهوم ونشره ودعمه، ومن ثم كان المسئول والمؤثر الأساسي علي مساحات الظاهرة، وأبعاد المفهوم، والمتحكم في حدودها وسماتها-.
بطبيعة الحال كان "حارس البوابة" أكثر من شخص/ شيء، تمثلوا في "المدونات الرموز"... ولكن لأن "حارس البوابة" مفهوم تغلب عليه الأبعاد الفكرية أساسا، ولأنه يمكن الزعم بأن "المدونات الرموز" كانت تنتمي إلي مدرسة/ اتجاه فكري واحد، فأنا أفضل أن نقول "حارس البوابة" بصيغة المفرد، فلسنا أمام "حراس" في حقيقة الأمر، بل مرجعية فكرية ونموذج معرفي واحد.
لم يأتِ السؤال عن موقع الإخوان من خريطة التدوين علي أساس أنهم أهم أو أفضل من غيرهم، أو انطلاقا من تحيز شخصي... يعني ليس ذلك انطلاقا من حكم قيمي تفضيلي يميز الإخوان.
أبدا!
كان شيئا غريبا!
- الإخوان أكبر وأقوى فصائل المعارضة، وأكثرها إثارة للجدل والدجل والنقاش العام والخاص، واللي بيجي علي دماغها جزء لا بأس به إطلاقا من طيش وعناد وغباء واستغباء واستبداد هذا النظام الفاشي الفاشل...
- معظم المطالبين بالتغيير، والناشطين من أجل مستقبل أفضل لمصرنا المخروسة، انطلقوا في "تراك" التدوين -يللا يا عمرو، شوية أزمة هوية عشان ما تزعلش- وخاضوا التجربة بحلوا ومرها، ومرت جولات كثيرة، وبرزت تطورات عديدة، وتحققت نجاحات مريرة.
- الإخوان ما زالوا في صمتهم...
حتى لا يكون حديثنا هلاميا، وعشان نمسك حاجة في إيدينا الحلوة، فلننظر مثلا إلي تاريخ إنشاء أول مدونة إخوانية فعالة وهي -فيما أظن- مدونة "أنا إخوان"، وصاحبها عبد المنعم محمود صحفي إخوان، تعرض للاعتقال من قبل، وبدأ في التدوين منذ أكتوبر الماضي [2006]...
علي الجانب الآخر، مثلا نجد علاء سيف، صاحب مدونة "منال وعلاء"، يصفنونه ضمن اليسار، وتعتبر مدونته أحد أهم "المدونات الرموز"، وتاريخ إنشائها [15 يناير 2004]...
إيه ده؟ يعني كده فيه 33 شهر تقريبا بينهم؟!
السؤال الذي نجيب عنه فيما بعد هو: لماذا؟
ما تفسيرات تأخر الإخوان في التدوين؟ ولما نسأل سؤال زي ده بيكون قصدنا طبعا الإخوان-الأفراد لا الإخوان-الجماعة!
[3]
بمرور الوقت، وابتعاد لحظة الاستقبال... قلت حدة الموقف، وزالت عن التدوين بعض -ليس كل- هالات القداسة التي منحت له، باعتباره عضوا جديدا في شلة النضال والتغيير والإصلاح.
[4]
بدأ الإخوان دخول الساحة التدوينية متأخرين نوعا ما، يعني شويتين تلاتة أربعة كده، و...
مش كتير أوي! حوالي 3 سنين بس نو!
- - - - -
نتكلم بس الأول شوية عن قصة التدوينة دي، واللي هيكون بعديها حبة تدوينات إن شاء الله...
هوا زي ما قلت في الأول، أنا من فترة عايز أكتب عن الموضوع ده: التدوين في مصر، كان عندي شوية ملاحظات.
ومن شويتين كنت باتكلم مع صديقي مجدي عن حياته "اللي جراله" وتدويناته الأخيرة: نفسه يتجوز بقى، ثم تقدمه لإحدى بنات الحلال وانتظاره لتليفون، وأخيرا قصة رفضه، والانعكاسات الدولية والأصداء الإقليمية والتأثرات المحلية المنبثقة -حلوة دي- عن كل العك ده.
وبعدين توسع الحديث من الخاص إلي العام، واتكلمنا عن تفاعلات الناس مع أسلوبه في التدوين، وما يصح وما لا يصح، والحاجات الكويسة، والحاجات البطيخ... لقيت كلام كتير عايز أقوله!
يعني من الآخر اتفقت رغبتي المؤجلة وتوافقت علي غير ميعاد مع حديثنا، ورغبتنا في تسجيله، واختبار افتراضاتنا، والتحقق من صحة ما نظنها وما نراه حقائق...
إذاً هذه مجموعة تدوينات/ اجتهادات/ طرقعات -اختر مما سبق- عن "الإخوان المدونين".
هل تسمعني؟
حوّل!
هناك ٤ تعليقات:
هممم... موضوع جيد...و أظن إنك هتثير معاه نقاشات كتييييييييييير عن حاجات تانية تكمن وراء الموضوع الذي تتحدث فيه... بمعني آخر أنك سينبغي عليك خوض غمار تشريخ مفهوم التدوين الإخواني، و ترشيحه... لكي تستطيع أن تبدع بحق...(يللا شوية كلام في خطوات البحث طالما انت جيبت سيريتها)!
بس عندي تعليق صغير و هو إنه برضه المدونات في الخارج أخذت حيزا من الاهتمام كنوع من الإعلام البديل... بعد تفجيرات لندن و التي استطاع مجموعة من المدونون الحصول علي صور من داخل المحطات و نشرها علي مدوناتهم.
و يللا في انتظار الكلام عن أسباب التأخر... الطابع العام... المألوف و الجديد المستغرب و الجديد المذموم... مساحات الذاتية و المبادرة ، و الانتظام في كيان ., هل من تعارض؟
بس كنت بغششك شوية عن الحاجات اللي عاوزك تتكلم فيها... و ابقي ضيف براحتك يا صاحبيييييييي...
و دعواتك في اللي بيحصلنا في الحاجات اللي اسمها امتحانات:)
الموضوع ده مهم يا بن خلدون
لكن عندى فكرة مسبقة عنه ويمكن الا تكون صحيحة تماما .الإخوان أتأخروا فى رأيى عشان سلبية اتغرست فيهم سواء أخوة أو اخوات وجعلتهم دائما فى انتظار الأوامر اللى من فوق , وبالتالى لم يتصوروا انهم يمكن يتكلموا بعيد عن ارشادات المسئولين . ولأنهم اتعودوا على أداوت معينة للتوصيل ,ولم يستطيعوا التفاعل مع أداة جديدة ربما اغلبهم غير معتاد عليها .
والكلام خاضع للمناقشة
أولاً التأخر له العديد والعديد من الأسباب
مثل
أولا : طبيعة الشعب المصرى فى إنتظار النموذج أو الطليعة ليسير ورائها
ثانياً : الهواجس الأمنية
ثالثاً : ضعف الإيجابية بعض أفراد الإخوان
رابعاً : عدم الإقتناع بهذه الوسيلة
وأسباب أخرى
موضوع ممتاز
تستحق عليه الثناء
إرسال تعليق