بعد أن مضي التيرم الذي نسفني - داخليا علي الأقل.
عندما بدأت التوين لم أتوقع أن تمر فترة طويلة كتلك التي مضت و لا أكتب فيها أي شيء علي المدونة... و لكنها الأقدار التي لا تعلمها إلا عندما تراها و تعيشها.
أعود هنا بعد أن داهم المرض جسدي، و لم تستطع قوات المناعة (الضعيفة خلقة عندي) من صد عدوان الأنفلوانزا الذي تجرأ علي و أقعدني في بيتي في الأجازة... هو يعني ايه أجازة أصلا... ما علينا.
و انتهي التيرم، و جاءت الأجازة... المفروض يبقي فيه هييييييييييه، أو تنهيدة ارتياح ، أو أي حاجة. للأسف، مكانش في... كان فيه مكانها...آآآآآآآآآآه، و معاها هم كبير، ليه؟ ببساطة لأن ده كان أسوأ تيرم عدا عليا في حياتي كلها، في كل حاجة في حياتي، كل حاجة واقعة و ضايعة، و علي رأس الحاجات دي كلها كانت الدراسة. كان فعلا انفجار ناسف لكل حاجة بلا استثناء.
***
حاجة كده علي جنبطبعا التفكير في اللي حصل بعد ما حصل بيبقي بهدف الاستفادة منه، و محاولة الوصول لحل للمشاكل لتفاديها في المستقبل. منعا لسوء الفهم.
***
المهم، ايه بقي اللي حصل في الدراسة؟ عشان نفهم الحتة دي نرجع سنة و نص ورا... يعني في صيف 2005 و أنا داخل الكلية، تحديدا، و أنا بختار رغبات التنسيق.
عشان أعيشكو في الجو شوية، تخيلو شخص مصري قصير سنة، بنضارة، شكله اصغر من سنه شوية برضه، كان علمي رياض
ة، جايب 98% (الحمد لله)، و عاوز يخش سياسة و اقتصاد؟!، اخواته الاتنين الكبار في هندسة، واحد فيهم تجربته في هندسة مكانتش سعيدة، بدأت بمقبول و تدرجت لطلوع بمواد، و التاني بيحب الرسم و العمارة... يعني نموذجين بالنسبة لي ميشجعوش خالص إني اقرب ناحية هندسة، و في نفس الوقت الوالد الكريم نفسه إني أخش هندسة ،ليه؟
عشان أنا طول عمري متفوق في المواد العلمية، خاصة الرياضيات، كانت هي دي المواد اللي دايما بترفع مجموعي لو قليت شوية في أي مواد نظري. و حاجة تانية برضه ، إني طول عمري لعبي (يعني مش بتاع مذاكرة)، أقعد ألعب طول السنة و في الآخر المواد بتتلم في آخر السنة، و بما إني كنت بفهم الرياضة و الفيزياء و الكيمياء و المواد دي كلها كويس، فمكانتش بتفرق كتير إني مذاكرهاش غير ليلة الامتحان، و أخش الامتحان اقفله. و بالتالي كانت التركيبة (اللي والدي كان عارفها كويس عني) إني لعبي بس بجيب مجموع عالي اعتمادا علي الفهم و ليس المجهود المبذول.
والدي قعد يحذرني، و يقوللي: انت لعبي و عاوز تخش كلية نظري، و كمان عاوز يبقي ليك أحلام تفوق فيها، خللي بالك "انت داخل مع أوائل أدبي في الثانوية العامة، يعني بنات موراهمش حاجة غير المذاكرة و الحفظ، و الحاجات اللي انت معملتهاش في حياتك كلها و لا حتي في ثانوية عامة".و كان نفسه إني أخش هندسة لأن المواد اللي فيها متسقة مع قدراتي، و طريقتي اللي أنا عايش بيها طول حياتي. و بما إنه كان متفوق و هو طالب، فكان نفسه إني أخش هندسة عشان أجيب فيها تقدير و أفك عقدة البيت من هندسة، و في نفس الوقت حاسس إني صعب إني أجيب تقدير و كلام كده في كلية نظري... ما علينا.
و مضت الأجازة في شد و جذب و محاولات للإقناع بالعدول عن رأيي، بلا جدوي. لدرجة إني فاكر إنه لحد قبل الدراسة بحوالي أربعة أيام كان لسه مفقدش الأمل... و كان لسه بيكلمني في الموضوع، و قاللي في الآخر: "أنا معجب بإصرارك الشديد، بس مش قادر أفهمه".
أصريت إصرار غريب، و دخلت سياسة بالفعل، و كان أول تيرم لي في الكلية... حلم و اتحقق. مر أول تيرم علي خير، جيد جدا الحمد لله. تاني تيرم... امتياز، و بقي التقدير العام ليا في سنة أولي... امتياز. (سبحان الله)
نيجي بقي للتيرم ده، ايه اللي حصل؟ التيرم ده نقلة المواد من مواد علمية لمواد نظرية كانت أكتر بكتير من السنة اللي فاتت، لأن السنة اللي فاتت كان في إحصاء و رياضيات (تعتبر هي اللي رفعت تقديري العام بشكل كبير)، بالإضافة لمواد ينفع معاها بصورة أو بأخري طريقة المذاكرة اللي كنت ماشي بيها قبل كده. أما السنة العظيمة دي... فلا، كانت النقلة حقيقية و خيالية، مواد نظري في الصميم... أيوا كنت بحبها جدا، و مستمتع جدا، بس مكنتش بذاكر إطلاقا. و كانت تجربة السنة اللي فاتت مطمناني شوية إني هعرف ألم الدنيا و أحل كويس في الامتحانات(مكنتش واخد في الاعتبار فرق المواد من سنة لسنة).
و جاءت الامتحانات... و كانت المأساة... لا مش مأساة واحدة... كانت مأساة ورا مأساة.
يمكن الطبيعي اللي كان يحصل إني كنت أذاكر بقي أيام الامتحانات، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. بس برضه لا... ليه دا موضوع تاني، لأن التيرم اللي فات كان الإنجاز في حياتي في كل حاجة يقترب من الصفر، فمكنتش متعود إني يبقي ليا إنجاز أو عطاء في أي حاجة بمعدل مستمر، كانت بتبقي حاجات لحظية و خلاص، و ده أثر علي العزيمة و خلاها تتقهقر و تنتكس و تبقي في حالة احتضار. حتي القراءة، كنت بالكاد أقرأ الأخبار و المقالات التي اقرأها بصفة دورية، أما الكتب، فلا أذكر أني أنهيت كتابا واحدا من بداية الدراسة، كلها كتيبات صغيرة، أو كتب أبدأ فيها و لا أنهيها.(مش بقولوكو تيرم اسود)
اللي كان بيحصل بقي إني كنت بذاكر ليالي الامتحانات، بمعني لو الامتحان بكره الصبح، و خلاص بقيت الساعة مش عارف كام بالليل، أبدأ أذاكر بقي. و مظنش إن في مادة اتذاكرت في أكتر من ثلاثة ساعات و نصف. (يا للهول)
في نهاية التيرم... قد مضت تلك الفترة غير السعيدة من حياتي. و علي أن أتعلم منها... علي أن أدرب نفسي علي الإنجاز سواء كان ذل
ك في المذاكرة أو في غيرها. و علي أيضا أن أدرب نفسي علي المذاكرة(مش عارف إزاي... ربنا يهديني بقي لطريقة).
يللا.. آدي الأجازة موجودة، و التيرم الجي هيبدأ من الصفر، أرجو أن يكون بخير حال حتي يعوض ما كان في التيرم اللي فات. عاوز أعمل حاجة أبدأ بيها الاستعداد ده من دلوقتي، بس مش عارف، الدوامة واخداني و مفيش وقت أفكر... يمكن
الفترة اللي أنا عيان فيها دي تبقي حاجة كويسة للتفكير في الكلام ده كله.
يعني ده يمكن يوضح شوية حالتي النفسية الفترة دي، و الألم الكبير اللي جوايا حتي لو ، بس أهم حاجة... إ ن رغم كل ده، في أمل في التغيير نحو الأفضل (أكبر بكتير من الأمل في التغيير السياسي في مصر)، بس المشكلة إني فعلا مش
عارف... مش عارف أحول الأمل ده لعمل.
حتي التدوينة دي، من عادتي إني بقعد أعدل في التدوينة أو اي حاجة كتبتها لحد لما أحس إنها في شكل كويس أنشرها... بس المرة دي مخنوق لدرجة إني خلاص، هنشرها زي ما هي .
المهم، ادعولي كتير، و لو حد عنده اقتراح يقوله.