أحمد+ عبد الرحمن - عبد الرحمن = أحمد
ياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه
كنت قربت أنسي إني المفروض أكتب حاجة علي هاتيكم المدونة المدعوة نجوم الحيرة...
الأول كده.. اعتذارات علي الملأ لكل من نفضتله، أو مرديتش عليه، أو اتأخرت في حاجة كنت بعملها معاه.. و هم كثر... لا فعلا.. هما كتييييييييييييييييير جدا.. ربنا يستر عليا من كل الناس دي:)
بس الفترة اللي فاتت فعلا... تجارب لن تنسي في حياتي...
أي نعم كنت منقطع عن كل حاجة في الحياة تقريبا لظروف ضاغطة قهرية، و ظروف نفسوية مزرية.. بس ده ميمنعش إني راجع بمجموعة من الخوطرات اللي لازم تتقال.
الأجازة بدأت و كالمعتاد... أطنان الهموم بدأت تلقي علي كتفي... و أنا بدلا من أن أتخفف من الأعباء، وجدتني و بشيء من اللامبالاة أقبل بالمزيد و المزيد... حتي حدث ما كان متوقعا... هنجت... بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ... تماما كما يفعل أي جهاز عندما لا يستجيب للتعليمات التي يتلقاها... عقلي توقف تماما... توقفت عن أي إنجازات... خاصة بعد أن صدمني خبرا... لا أظن أني سأنسي تجربته طيلة حياتي...
ففي يوم السبت الموافق تلاتين ستة الماضي، يعني من حوالي شهر كده تقريبا... استيقظت من نومي علي طرقات علي باب غرفتي... قلت في نفسي... استر يااااااااااااا رب... شكله كده خبر مش تمام... و هو ده اللي حصل فعلا... قوم يا عمرو... اخواتك الاتنين... أحمد و عبد الرحمن... اتاخدوا من الاسكندرية.
صار في بيتنا عدد "اتنين" معتقل سياسي
يا للهول... طب و بعدين... أهي دي حاجة أول مرة تحصل في بيتنا... المهم... تقبلنا الموضوع، و بدأت طبعا الاتصالات بالمحامي عشان نعرف الأخبار و كده... و التجربة كانت جديدة جدا.. و لا أتمني أن تتكرر في حياتي أبدا.
مشاهدات سريعة...
دموع مش رخيصة... يوما ما سيدفعون الثمن
بجد و الله.. ما كانت حاجة بتأثر فيا في الموضوع ده كله... غير دموع الناس الغالية عليا و همو بيبكوا عشان المعتقلين... طبعا أنا بخص هنا الأمهات.. و خاصة أمي الحبيبة... كنت لما أشوفها بتبكي... ده عندي شعور لا يوصف من الثورة و الحنق و القهر و ... هقول ايه... كان كل أم بتبكي لابنها... منظر يخلي الجبال تتحرك فعلا... و العجيب لما تلاقي ظابط معدي بيضحك و الأم منهارة و بتدعي عليهم.. و ده ماشي ، و بكل سذاجة بيضحك... علي رأي أبويا... لو كنت مستهون اللي انت بتعمله، ابعد من وشها علي الأقل... فعلا كنت بفتكر الكلمات... لبيكِ يا أمي لبيكِ.. و دعيني أقبل كفيكِ... ما هنت أنت بل هانوا.. من أجروا الدمع بعينيك...
كان هذا أقسي شيء فعلا... دموع الأمهات و الأخوات و الأقارب لذويهم... و معه، كان دائما يخرج صبر كبير و ثبات عظيم و دعاء الكل يعلم أنه لا يرد... فاحذر من المظلوم سهما صائبا.. و اعلم بأن دعاءه لا يحجب
و فعلا و الله ... يوما ما سيدفعون الثمن.. ثمن كل هذا الظلم... (إن فرعون و هامان و جنودهما كانوا خاطئين).. أحيانا... أشفق عليهم من هذا المشهد الرهيب....(و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار.. مهطعين.. مقنعي رؤوسهم.. لا يرتد إليهم طرفهم.. و أفئدتهم هواء)
تغيرات إيجابية جدا...وحشتني
بصراحة.. و خلال هذه التجربة العجيبة... تحدث تغيرات إيجابية جدا في حياة الإنسان... منها مثلا.. إن أخويا عبد الرحمن يبعتلي "وحشتني"... يااااااااااااااااااااه... ايه ده... لا... بجد.. اتهزيت... سامع يا رفعت... عشان تبقي تقول عليه حاجة بعد كده... (أنا عارف إنه لما يقرا الكلام ده مش هيعجبه طبعا... بس دي مدونتي أكتب عليها اللي أنا عاوزه.. و أخوطر عليها براحتي)
طبعا مش دي الحاجة الإيجابية الوحيدة... بالعكس... الشباب كانوا جوا بيتعلموا لغات و بيحفظوا قرآن.. و ماشاء الله في اتنين ختموا المصحف حفظ... عقبالنا كده في يوم من الأيام إن شاء الرب.
كل شيء ليه تمن
فعلا... كل شيء ليه تمن... الجنة ليها تمن... الحرية ليها تمن... اتعلمنا معني التضحية.. التضحية بالوقت و الجهد و المال و كل حاجة.. عشان فكرة... فعلا... حياة فكرة تساوي بالضرورة اقتطاع الكثير من حياة حملتها.. وربما يتطلب الأمر إفناء نفوسهم من أجلها... معني من الصعب تخيله و استشعاره إلا عندما توضع علي محك الاختبار فعلا.. و صدقوني... هو مش سهل.. بس مهم في نفس الوقت تعرف... إنك لو انت مضحيتش.. في حد هييجي هيبقي هو أد الموضوع، و هيضحي..."و إن تتولوا يستخلف قوما غيركم، ثم لا يكونوا أمثالكم".
من المؤمنين رجال
الواحد ياما سمع الآية دي، بس قليل ما بيحسها، و أكتر من ده، قليل ما بيشوفها... في التجربة دي أنا شوفتها قدامي... كنت بشوف ناس نازلة من عربة الترحيلات... مش عارف... بس كنت بحس إنهم بكل معاني الكلمة (رجال).. يمكن الكلمة دي أول مرة في حياتي أقولها علي اخواتي... بس حسيت إن كل واحد فيهم فعلا راجل... و حسيت إن كلهم أحسن مني... شعور بالفخر... إن دول اخواتي و اصحابهم...أو بالأصح... دول اخواتي و اخواتهم... شعور بالإعجاب بهم و بكل من معهم... شعور بالفرحة الغامرة بأن يختار الله من هذا البيت اثنين في ذات الوقت... اللهم تقبل.
دموع في عيون وقحة
الحقيقة دي مش كلمتي.. بس هي خاطرة مهمة جدا... كان أحد الناس قالها في موقف شبه ده.. و تساءل أي عيون هي تلك العيون الوقحة؟
هل هي عيون أفراد الأمن؟
لا.. دي عيون متحجرة... متشظية... محتقنة.. أي حاجة... بس هي عيون مش موجودة أساسا.
هلي هي عيون المارة في الشارع؟
لا... برضه دي عيون ممكن تكون مغيبة، ممكن تكون مغماة... تايهة.. أي حاجة بهذا المعني.
هل هي عيون المعتقلين؟
لا برضه.. عيون مظلومة.. عيون شريفة.. عيون شامخة... بل و معاني أرقي بكثير.
دموع في عيون وقحة... هي عيون... رأت.. و علمت... و لم تعمل.
كل فترة الواحد محتاج يقف مع نفسه فعلا.. حتي لا يقع في هذا الوصف... و إن تأثر لحال البلاد و العباد.. فليحذر من أن تكون تلك الدموع في عينيه ما هي إلا.. دموع في عيون وقحة.
أنا كده طولت... بس أخر حاجة أختم بيها و هي أخبارهم.
الحمد لله أمس الخميس... عبد الرحمن أخد إخلاء سبيل من ضمن مجموعة التلاتين واحد اللي أخدوا إخلاء سبيل... يعني قعد شهر رهن الاعتقال... يللا في سبيل الله... هو دلوقتي وصل لاظوغلي كما علمنا... ربنا يسترها معاهم.. خاصة بعد ما الواحد قرا عند مجدي (بيتزا ولا كفته)... ادعولهم كتير ربنا ييسرلهم و يثبتهم.
بس للأسف... أحمد كان من الخمستاشر واحد اللي أخدوا تجديد الحبس خمستاشر يوم تاني... حسبنا الله و نعم الوكيل.
مبروووووووووووووووووووك يا عبد الرحمن و كل من معك... و في انتظارك بشوق شديد.