[ إضاءات ]

"من علمني حرفا... صرت به حرا" أستاذي سيف الدين .....| | | | |..... "هناك فرق بين أن تكون عالما، وأن تكون إنسانا" كولن .....| | | | |..... "إن الدعاة اليوم لا يفتقرون إلي الإخلاص... وإنما في كثير من الأحيان إلي الحكمة" أستاذتي هبة .....| | | | |..... "الاجتهاد مبدأ الحركة في الإسلام" محمد إقبال .....| | | | |..... "الطاقة الإبداعية بحد ذاتها مطلب شرعي ومقصد إيماني‏" فالإبداع "صنو الاجتهاد، ورديف له، من الصعب أن ينفك أي منهما عن الآخر" طه جابر العلواني .....| | | | |..... "ولا تزال الدنيا عامرة وديار المسلمين في سلام ما أخبتت النفوس وهبطت ساجدة تردد: "رب زدني علما" محمد أحمد الراشد .....| | | | |..... السياسة ما كان من الأفعال بحيث يكون الناس به أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، وإن لم يشرعه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا نزل به وحي، فإن أردت بقولك: لا سياسة إلا ما وافق الشرع: أي لم يخالف ما نطق به الشرع فصحيح، وإن أردت ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة" الإمام ابن عقيل الحنبلي .....| | | | |..... "طلب الحرية مقدم علي تطبيق الشريعة... تقديم ترتيب، لا تقديم تفضيل" فهمي هويدي .....| | | | |..... "الإنسان المعاصر إنسان ذو بعد واحد، فاقد الهوية، وصاحب نزعة استهلاكية، وقليل الحساسية تجاه الغير، ويعاني عزلة وضياعا، وهو أسير المرحلة الراهنة، والسرعة الفائقة، والوقائع السريعة الكفيلة بأن تُنسيه ما قبلها، وتتركه يتحفّز لما بعدها" مدرسة فرانكفورت .....| | | | |.....

الأحد، ديسمبر ١٧، ٢٠٠٦

اتناشر... اتناشر... اتناشر...نصحي بقي وللا إيه؟


اثني عشر يوما، هي التي تبقت لي قبل امتحانات هذا الفصل الدراسي. تري كيف ستكون هذه الايام القادمة؟ و هل ستكون ككل عام، كئيبة يخيم عليها الحزن، و الألم و محاولات فاشلة للعمل؟

دائما أعطي انطباعات فوق مستوي مجهودي للناس، ربما هذه حيلة تعلمتها منذ الصغر، و لكنها بالفعل تساعدني كثيرا.(هي ليست حيلة بقدر أنها مجرد مؤشرات بسيطة جدا للنبوغ!).لا يصدق احد أني لا أذاكر، فيما عدا أشخاص قلائل يعرفونني عن قرب. فكثيرا أتحدث لأناس، فأفاجأ بهم يقولون لي "لو انت بتقول كده ، أمال احنا نقول إيه؟"، علي أساس ذلك الانطباع الذي نجحت في زرعه في مخيلتهم أنني طالب مجتهد.

لست أزعم بذلك أني طالب فاشل، لا فهذه كلمة لن اقبلها علي نفسي أبدا. و لكني غير مجتهد بالدرجة التي يظنها عني الكثير. ربما يكون عامل مهم جدا في ذلك هو الدرجات المرتفعة التي أحصل عليها دائما (الحمد لله)، كمثال (الامتياز) الذي حصلت عليه العام الماضي، جعلني من القلائل في دفعتي الذين حصلوا علي هذا التقدير... و بالتالي ينظر إلي أنني من القلة (الدحاحة) – إن صح التعبير.(سبحان الله)

عموما ، أنا الآن في مأساة حدثت لي العام الماضي في كلا الفصلين الدراسيين. الامتحانات علي الأبواب ، و إن شئت فقل هي مكشرة عن أنيابها ، و تستعد للانقضاض، و ما زال السؤال المهم عندي هو "متي أبدأ في المذاكرة؟".

المشكلة الحقيقية هي أني لست أدري لماذا لا أبدأ، أنا بالفعل في مشكلة حقيقية، مستشعر حجمها و خطرها، و أتخذ القرار كل يوم بل و ربما كل ساعة، أني سأبدأ من الآن و لكن... لا شيء. هو تسويف مختلط بشيء من التكاسل ممزوج ببعض الاطمئنان لقدرتي علي الإلمام بالأشياء بسرعة في اللحظات الأخيرة، و أيضا "حسن الظن" بالله ، و لكن الرسول صلي الله عليه و سلم قال (لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل)... و هذا ما يؤدي في النهاية إلي كوارث ليالي الامتحانات، حين أدرك أني لأحصل علي التقدير المطلوب، علي أن أفعل المستحيل ذاته. و بالتالي فما يحدث هو أني أحصل علي درجات أقل كثيرا مما لو كنت (احترمت نفسي) و ذاكرت من أول يوم. أو حتي قبل الامتحانات بوقت كافٍ.

ربما ما يساعدني كثيرا، هو أني لا أخفض سقف أحلامي مهما بدت الظروف حالكة، و هذا يجعلني أني مهما حدت عن الهدف ، أظل بطريقة أو بأخري متفوقا (طموح بقي هتعمل إيه).
أذكر يوم امتحان مادة القانون العام الماضي، لم أكن ذاكرتها من قبل ، بل و لم أكن أعلم عما يتحدث المنهج، و كانت ليلة ليلاء... كعادتي ، لا أحب السهر ليالي الامتحانات، فعندما وجدت الوقت قد تأخر ، قررت أن أذاكر ساعتين فقط و أنام، و بالفعل ذاكرت المنهج كله (أكثر من مائتي صفحة) في ساعتين و نصف، و نمت. و في الامتحان، كبتبت ما كتبت، و جاءت النتيجة لتعلمني أن هذه هي أقل مادة عندي في الكشف، فق حصلت فيها علي جيد جدا بنسبة 80%؟؟؟

ما حدث ليلة القانون، هو أني كنت و حتي آخر لحظة، أفكر في هدفي الذي وضعته أول الفصل الدراسي، الامتياز، لم أتنازل عنه، حتي و لو بدا غير منطقي (ساعتين و منهج كامل و عاوز امتياز؟؟؟ أكيد مش منطقية). فالقاعدة لدي هي أني سأبدأ في الانزلاق إذا خفضت سقف أحلامي و لو قليلا، فلو فكرت مثلا في جيد جدا، سأجد الوقت قليل، فستكون جيد، ثم بعد ذلك أدخل الامتحان علي أمل في ال(جيد)، فلا أجيب بالمستوي المأمول، فتكون النتيجة مقبول، أو حتي ضعيف (ربنا يعافينا). هو ببساطة منزلق خطر، لو بدأته ، فلتعرف كيف ستكون نهايته، أو هكذا أراه.

هذا هو المعني الكبير الذي أضعه أمامي دائما، أن الهزيمة الحقيقية تبدأ حين أفكر أن الهزيمة هو خيار وارد. و هذا هو حالي دائما في حياتي، و بما في ذلك مذاكرتي. و لكن... أما آن لي أن أتعلم الدرس. الرسول صلي الله عليه و سلم يقول"لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"، و لكن أعتقد أني الآن جاوزت "السبعة عشر مرة"، فمتي أكف عن (الاستعباط).

مشكلتي ليست مشكلة دوافع، فكلها موجودة، (و يتقال فيها محاضرات)، و لا مشكلة وقت، فهو موجود (و إن كان قليل علي المطلوب)، و لكنها في المقام الأول، مشكلة عزيمة، فكل يوم بخطة للأيام القادمة ، لا تنفذ، و كل عمل حان وقته أتركه وأفعل أشياء أخري هي أقل في الأهمية. باختصار مجاهدة النفس عندي في المذاكرة تقترب من الصفر.

و في النهاية ، إذا قرأت هذا الكلام، سيخيل إليك أنه إعلان ينتهي بـ (اتبرع و لو بجنيه)، و لكنه حقيقة، ينتهي بـ(اتبرع و لو بدعوة كويسة).

و ربنا يستر علي الأيام اللي جاية.

السبت، ديسمبر ٠٩، ٢٠٠٦

البنت زي الولد؟؟؟



موقف بسيط جدا، أن تطلب المعيدة أن يقوم أحد الطلبة بشيء ما، الغريب هو أن يستكمل ما تبقي من وقت السكشن في مناقشة ما وراء الحدث، لماذا؟ لأن الذي عرض أن يقوم بهذه المهمة كانت بنتا وليس ولدا.

هل هي ظاهرة؟ أن يتكاسل الرجال عن حمل المسئولية و تتقدم النساء؟
بداية سأقرر حقيقة في كليتنا و هي أن نسبة البنات إلي الشباب دائما في صالح البنات، و هذا في حد ذاته يؤكد الظاهرة ، إذ أن الكلية ينظر إليها في مجتمعنا أنها من كليات القمة، فعندما يكون أغلبيتها من البنات فهذا يؤكد تسامي أحلامهن في مقابل أحلام الشباب التي تتهاوي و تضمحل.
قالت زميلة بأن هذا شيء طبيعي جدا فالأطفال ينشأون و يرون الأب دائما خارج المنزل (لا يعرفون ماذا يفعل)، و كل المهام التي لها علاقة بهم تؤديها الأم، فتنشأ البنت و هي تؤهل نفسها نفسيا لتحمل الأعباء، و يكبر الولد و هو معتاد أن يري المرأة تحمل الأعباء و هو لا. (رؤية عظيمة جدا، مش كده)
رد عليها الولد الوحيد الآخر الذي كان يحضر السكشن معي(شايفين التناسب العددي)، بأنه تربي علي تحمل المسئولية، لذلك فهو يتحملها بكفائة عالية، فعندما يكون أهله مسافرون يتحمل هو الأعباء كلها داخل و خارج المنزل.(يا جامد!!!)
استمر بعد ذلك النقاش، و بان لي شيء في غاية الأهمية و هو أنه كان هناك هجوما ضاريا من البنات علي الرجال عموما، من أنهم لا يتحملون المسئولية و أنهم...الخ، هذا يعطي للظاهرة أبعاد أخري، سأوردها لاحقا.
تأثير المد الفكري الغربي
تحدثت أنا لأعلن رأيي بصراحة (طبعا واضح إني كنت بعلنه بصراحة شديدة و احنا أصلا قلة في مجتمع السكشن)، فقلت إن المجتمع كله الآن يمر بحالة من حالات اليأس الشديد و الإحباط الرهيب التي جعلت من همته و عزيمته و طموحه أصفارا. فالرجال و النساء سواء في ذلك، الظروف المحيطة التي لا تحمل أي بوادر للتغيير أو التحسن، يجعل التفكير في الانجاز في حد ذاته مجرد حلما يداعب الخيال و فقط.
و لكن المرأة لها ميزة عن الرجل، و هي أن هناك تيارا فكريا آت إلينا من الغرب ينشر أفكار تحرير المرأة و مساواتها بالرجل. هذه الأفكار تجد لها أرضا خصبة جدا لتنمو و تترعرع في مجتمعنا الشرقي الذي فيه من احتقار المرأة و امتهان حقوقها ما فيه. و هذه الأفكار تعطي المرأة ميزة نفسية عن الرجل، فهي تبذل جهدا من أجل إثبات أحقيتها بالمساواة و لتثبت لذاتها و للمجتمع الذكوري (زي ما نوال السعداوي بتقول: مجتمع ذكوري أبوي سلطوي رأسمالي) أنها ليست بأي حال أقل شأنا من الرجل في أي شيء ، بل و في استطاعتها أن تتفوق عليه. و من ثم فنجد أن المرأة في مجتمعنا أكثر طموحا من الرجل و أكثراستعدادا لتحمل مسئوليات عنه.
و لكني ذكرت أن هذا المد الفكري قادم إلينا من الغرب، و هو ما ينتج تشوه خطير، إذ أننا حين نستورد منهم تلك الأفكار لا نلتفت إلي خصوصية مجتمعنا و لكننا ننقلها كما هي. لأقرب الصورة، هل كل الملابس تناسب جميع الحالات الجوية؟ بالطبع لا... فكل حالة جوية لها ملابسها، أي أن كل ظروف محيطة تملي عليك نوعية الملابس التي تلبسها. و بالمثل ليست كل فكرة تصلح لكل المجتمعات كما هي، قد تحتاج لتعديل أو تطوير أو تطويع لتدخل ضمن منظومة المجتمع الفكرية و القيمية. و حين نأخذ الأفكار من الغرب فإننا (بنظرة الإعجاب المزبهل التي نراه بها) نطبقها عندنا كما هي، و هذا يحدث تشوه كبير في مجتمعنا، فأنت تضع نبتة فيه لا يمكن أن تنمو علي تلك الأرض، أنت تستخدم ملابسا لا تناسب الجو، أنت تشوه الصورة الجميلة المرسومة بأدوات لا تتناسب معها.

ردت حينها علي تشارلوت – و هي طالبة ألمانية تدرس معنا – قائلة : ألا تؤمن بالقيم العالمية؟ فهناك حقوق لا يمكن أن يختلف عليها اثنان، و أبسط مثال علي ذلك المساواة.

بالطبع هناك قيم عليا، و لكن من يحدد معانيها و مدلولاتها؟ لا يا تشارلوت ، لا يوجد اجماع علي معني محدد المعالم للمساواة، كل مجتمع يري المساواة من منظوره المختلف، كل مجتمع يطوع هذا المفهوم ليفهمه بما لا يتعارض مع قيمه و مبادئه. فهناك عادات و تقاليد حاكمة، و هناك أديان ، و هناك موروثات حضارية و فكرية و مجتمعية. كل هذا يؤثر علي المفهوم أينما ذهب ، فيجعله يختلف من مجتمع إلي مجتمع.

أضفت أن الخلل الذي حدث في الغرب ،و يحدث حاليا عندنا، هو إثقال كاهل المرأة و تحميلها ما يشغلها عن تأدية وظيفتها الأساسية، أن تكون مربية الأجيال بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، فهي التي تربي الأطفال و تزرع فيهم القيم و المثل، هي التي تحكي لهم ما يكون لهم خيالاتهم و أحلامهم، هي الركن المتين للمستقبل، فماذا لو شغلها حاضرها عن مستقبل مجتمعها؟!

و تحضرني هنا ملاحظة محزنة جدا، و هي أن العلاقة بين الرجل و المرأة أصبحت – بسبب ما استوردنا من الغرب من أفكار – قائمة علي اساس الصراع. فدائما هي حسابات علي طريقة ماذا كسبت ؟و ماذا خسرت؟ في حين أننا نجد القرآن يصفها دائما بأنهاعلاقة سكني و مودة و رحمة، فأين هذا في حياتنا؟

انتهي السكشن، و لكن لم تنتهي الأفكارفي رأسي، و وجدت أمامي سؤالا بالغ الأهمية، بعد أن خلصنا إلي نتيجة في السكشن أن المرأة أكثر طموحا و تحملا للسئولية من الرجل في عصرنا هذا، أين المرأة في نهضة هذا المجتمع؟
لن أتحدث هنا عن دورها التربوي الذي لا يمكن أن يخضع للملاحظة، و لكني ساتطرق هنا لدورها في النشاط العلني، و
ساسلط الضوء علي النشاط السياسي.
المرأة في الحياة السياسية؟؟؟
الحزب الوطني يشهد غياب للمرأة عن دوائر صنع القرار داخل الحزب، بل و في الانتخابات البرلمانية الأخيرة كان هناك ثلاث مرشحات فقط للحزب ، خسرت منهم واحدة و هي ثريا لبنة أمام مرشح الإخوان عصام مختار، و نجحت آمال عثمان بالتزوير أمام مرشح الإخوان أيضا حازم صلاح أبو إسماعيل، و أظن أن الثالثة أيضا كانت لها قصة مأساوية. بغض النظر عن المعلومات و دقتها، إلا أنني أجدني أجزم أن المرأة لا تمثل أي شيء في الحزب الوطني، فأعضاء أمانة لجنة السياسات كلهم من الرجال، و لا مكان للنساء إلا بنسب ضئيلة جدا في لجنة السياسات. قد أعذر الحزب الوطني في ذلك لأنه لا يمثل المجتمع ، و لكنه يمثل قلة حاكمة منه.

أما الحركات الأخري، ففيها حضور علي استحياء للمرأة، فكفاية فيها بنات نشطات يتعرضن للاعتقال و يدفعن أيضا ثمن الحرية كما يفعل الشباب، و لكنه يبقي دائما حضورا ضعيفا علي الهامش، باستثناءات قليلة جدا.

نأتي بعد ذلك لحركة المعارضة الكبري، و التي يشهد لها الجميع بأنا تحقق المكاسب الكبيرة بسبب قربها من الشارع، ألا و هي جماعة الإخوان المسلمين. نجد أيضا حضورا ضعيفا جدا للمرأة في مقابل نشاط واسع للرجل يعرضه دائما للاعتقال و التضييق في كل مناحي حياته. فالجماعة رشحت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة مرشحة واحدة من حوالي مائة و خمسين مرشحا. كانت المرشحة هي مكارم الديري التي أسقطت بالتزوير في النهاية من أجل مصطفي السلاب مرشح الحزب الوطني (الديمقراطي).
و لكني أجد هذا الغياب غير مبرر لجماعة تحتك بالشارع المصري، إذ أن الظروف المحيطة كما أشرنا سالفا تؤدي إلي وجود نوع من التفوق النفسي في الدوافع التي تجعل طموح المرأة متفوقا علي طموح الرجل، فأين هذا الطموح في المرأة داخل جماعة الإخوان؟ تحدث مجدي سعد علي مدونته عن نماذج مشرفة للمرأة الإخوانية التي تستطيع الموازنة بين واجباتها الاساسية تجاه بيتها و بين نشاطها الإخواني، و لكن في النهاية يبقي غياب الرموز النسائية الإخوانية عن الساحة دائما محل تساؤل: أين هي المرأة الإخوانية؟

هل تمثل الثقافة الإخوانية نوعا من المناعة ضد التأثر بالمؤثرات الغربية التحررية؟ لماذا لا يتأثرن بهذا المد الفكري التحرري كباقي النساء في مصر؟ ربما تكون المنظومة الفكرية الإخوانية ضد التبعية الغربية، و لكن هناك نماذج فكرية إخوانية استطاعت تطويع الأفكار الغربية لتتناسب مع الأصول الفكرية الإسلامية التي تبني عليها جماعة الإخوان أفكارها.
قد يكون السبب في ذلك هو الخوف الأمني، فطبيعة العلاقة بين الإخوان و الأمن متوترة و غير صالحة للاستعمال الأنثوي. فكما صرح الإخوان قبل الانتخابات البرلمانية أنهم كانوا يريدون ترشيح عشرين امرأة، و لكن الرجال يخافون علي نسائهم من (البهدلة). سأقبل ذلك، لأننا جميعا نسمع عما يحدث في مقرات أمن الدولة من انتهاكات بدنية و جنسية للرجال، فما بالكم لو ذهبت إيه امرأة؟! و لكن بنات كفاية تعرضن للاعتقال؟!
و لكن هناك أماكن قد لا تكون المرأة فيها عرضة (للبهدلة)، إذا تعاملت مع الظروف بذكاء كافٍ. سأشير هنا للنشاط الطلابي الإخواني، أعرف أن طلاب الإخوان يتعرضون للاعتقال و الضرب و البلطجة، و لكني أتحدث عن الرموز... لماذا لا تكون هناك طالبة من رموز طلاب الإخوان؟ سأكون أكثر دقة، و أسأل لماذا في كليتنا – كلية الاقتصاد و العلوم السياسية – ذات الطبيعة المؤنثة الطاغية، نجد غياب تام لأي طالبة يشار إليها بالبنان أنها من طالبات الإخوان؟ مع علمي و علم الجميع أنهن موجودات في الكلية و دائما يعلقن الملصقات الخاصة بطالبات الإخوان – بشكل يستفزني كثيرا، فهي توضع بشكل يشوه منظر المكان.
لا أظن أن وجود طالبة في كليتنا تكون رمزا لطالبات الإخوان سيجلب عليها (بهدلة)، و لكني أظن أنها ثقافة في الإخوان يحتاجون إلي تغييرها.
و في النهاية، لا يسعني الموقف إلا أن أدعو لرجال مصر بأن يقويهم الله قبل أن يأتي اليوم الذي نتظاهر فيه من أجل الحصول علي حقوقنا.

الخميس، نوفمبر ٢٣، ٢٠٠٦

د/ياسر... و انهار الحلم الجميل



د/ ياسر هو من يدرس لنا مادة مبادئ الحاسب الآلي، رجل يوصف في مجتمعنا بأنه "محترم" ، عاد هذا العام من انجلترا حيث كان يدرس هناك ،و لكنه غير محبوب مع الأسف ، لماذا؟ ببساطة شديدة لأنه يدرس هذه المادة؟! ففي مجتمعنا نظرات خاصر لبعض الكليات بأنها فوق الكليات الأخري، و كذا بالنسبة للأقسام داخل الكليات. فعندنا - في كلية الاقتصاد و العلوم السياسية - ينظر لقسم الإحصاء أنه غير ذي أهمية، و مادة الحاسب الآلي التي قد تقودك لتخصص فرعي في تخصص الحاسب الآلي في العلوم الاجتماعية هي من أقل المواد التي يهتم بها الطلاب، فما بالكم و هذا الرجل المحترم قد تخرج في قسم الإحصاء ، و يدرس حاليا مبادئ الحاسب الآلي، أظن أنه ليس لأحد أن يلومه، و لكن فلنلم تلك النظرة الدونية التي لا تنبني إلا علي أساسات واهية في عقولنا. لن أطيل الحديث عنه، و لكني سأسترجع الآن في عرض سريع لما حدث معه منذ دخل في أول محاضرة له.

في أول محاضرة له حدثنا عن كيفية المذاكرة للمادة، كان كلامه عن حلم جميل و هو أن نمارس الحياة الجامعية الصحية، فتكون العملية التعليمية غير مبنية في الأساس علي التلقي من الاستاذ، و لكن المحاضرات و السكاشن و الكتاب و المراجع الأخري و صفحات الإنترنت التي تشرح المزيد عن الموضوعات التي سندرسها، كان يتكلم و كله أمل في تحقيق ذلك. كان يشرح لنا باستخدام عرض power point ، و لكنه أخبرنا أنه لن يعطيه لنا إلا إذا اقتضي الأمر ذلك. باختصار كان يريد لنا أن "نتعلم بطريقة صحيحة".

و بعد عدة محاضرات، أخبرنا الدكتور ياسر – نتيجة لإلحاح الطلبة المستمر - أنه سوف يقوم بإعداد العرض ليكون "ملخصا" لما في الكتاب و يعطيها لنا، بمعني أنه لن يكون كافيا للمذاكرة، و لكن يجب أن يكون ذلك بالرجوع إلي الكتاب للفهم الدقيق. (لاحظ التنازل عن الحلم) م

بعد ذلك بأسابيع، قرر أستاذنا الدكتور ياسر أنه لا يريد منا في الامتحان سوي أن نكتب ما في العرض الذي أعطانا إياه، و لكنه رجانا أن نكتب النقاط المتصلة ببعضها في فقرات تبين أننا نفهم ما نكتب و لسنا فقط ماكينات كاتبة لما تحفظ. (و انهار الحلم الجميل أمام الطوفان) م

لي عدة تعليقات علي ما حدث، سأوردها فيما يلي.

(1)
بادئ ذي بدء، اريد أن أشير إلي أن رد فعل الطلاب علي ما قاله الدكتور في المحاضرة الأولي كان الاستهجان الشديد ، بل و الاستهزاء أيضا، و هذا يعتبر انعكاس لثقافة مترسخة فينا نتج عنها هذا السلوك، و هي أن (هذا الكلام صواب لدرجة أنه غير قابل للتطبيق في مصر؟!). نعم ، بالتأكيد هي ثقافة متأصلة، فليست مصادفة أننا نستعصي علي الإصلاح، و نقاوم بشتي أنواع السبل إمكانية التغيير للأفضل، و لكن هذا كله ناتج عن هذه الصورة الذهنية المتكررة لبلدنا (أنها معني الفساد الذي ليس له صلاح).م

(2)
و لكن ، لماذا فشل الدكتور ياسر في تعليمنا الصواب؟ ألسنا دائما نردد أنه لا يصح إلا الصحيح؟! ماذا حدث؟ ما حدث هو أن أستاذنا حاول تغيير سلوك، و السلوك لا يتغير إلا إذا تغيرت القناعات المنتجة للثقافة التي ينبني عليها هذا السلوك. نعم، هذه هي المشكلة، التسطيح، أو إن شئت الدقة محاولة التسكين، فكأنه يحاول أن يعطي مريضا مسكنا، و لكنه لم يحاول الوصول إلي أسباب المرض الحقيقية لعلاجها.

إن الثقافة التي تنتج هذا السلوك – و أي سلوك - تأتي نتاجا لعملية تنشئة الإنسان، و فيها يتأثر الإنسان بالدوائر المحيطة به من أسرة و مدرسة و أصدقاء...الخ. لذلك فنكون مصيبين إن قلنا بأن المشكلة أعمق بكثير من هذا السلوك الظاهر لنا، و لكنها في الحقيقة مشكلة تنشئة مجتمعية تفرز ثقافة تستعصي علي الإصلاح، و ترفض الصواب لا لشيء إلا لأن بلادنا (لا يصلح فيها تطبيق الصواب). م

(3)
و أحب هنا أن أشير إلي سبب آخر لرد الفعل هذا، و هو أننا لا نتعلم من أجل العلم و لا لنفيد بلادنا، و لا أي شيء من تلك القيم العليا، لا... و إنما نتعلم من أجل (الشهادة). فالمهم إذا هي الدرجات و ليست المعرفة. و بذلك تحولت العملية التعليمية من عملية ارتفاع مستوي المجتمع بارتفاع عدد المتعلمين في مجالات مختلفة تساعد علي النهوض بالمجتمع، إلي كونها مجرد عملية جمع درجات من أجل الحصول علي شهادة عليها تقدير مرتفع و السلام!

و لكي نصل إلي هذا الهدف، يجب علينا أن نختار أقصر الطرق و ليس أنفعها و لا أكثرها فعالية و تاثيرا و إفادة، لا ، فالمهم في النهاية هو أن نصل إلي الشهادة بأقل تعب ممكن (ثقافة الاستسهال، و إن شئت فقل ثقافة الاستهبال). و رغم أن هناك مدرسة تفول بأن العلم بمنهجه و ليس بمحتواه، إلا أننا فشلنا في اتباع منهج، و أيضا في الحصول علي محتوي، فأين العلم في العملية التعليمية؟؟؟

(4)
أيضا، خطأ فادح حدث و هو أن الكدتور ياسر (فرض) ما يراه الصواب لكي (نطبقه)، بمعني أنه رأي الصواب فألزمنا به. ألم يكن أحري به أن يرشدنا إليه فنقتنع به أولا؟ و إن أبينا فليحاول إقناعنا بوسيلة أخري؟! و لكنه أيضا متأثر بثقافة التسلط التي تسري في عروق هذا الشعب المسكين. إنها تملي علينا أنه من كان مسئولا عن أفراد فهو مسئول أن يفعلوا الصواب، و نتناسي دائما أن تعليم هؤلاء الأفراد و تربيتهم علي تحمل تبعة قراراتهم مقدم علي تجاوز الخسائر الوقتية، فأنت بذلك تغرس فيه معنيان: الأول أنه إن كان مقودا فليس عليه مسئولية لأن المسئولية تقع علي قائده،فليس عليه إبداء رأي أو نصيحة أو مشورة، و الثاني أنه إن كان قائدا فعليه أن يفكر بشكل فردي في قرارات تخص المجموعة كلها ، ببساطة لأنه (القائد).م

في النهاية، أحب أن أختم بما قاله لنا أستاذنا الدكتور سيف الدين عبد الفتاح: (نستطيع القول بأن مشاكل المجتمع المصري قد انتهت عندما تحل "المشكلة المرورية"، ففيها تجسيد لكل المشكلات الثقافية في المجتمع المصري).م

الأحد، أكتوبر ٢٩، ٢٠٠٦

بداية نجوم الحيرة

أقتح الباب دون أن يسمع لي صوت، أدخل في هدوء دون أن يشعر أحد، أتنسم هواء ذلك العالم الذي أدخله لأول مرة رغم متابعتي له عن كثب منذ فترة، إنه عالم المدونات الذي طالما فكرت في أن أدخله، إلي أن لملمت شتات فكري ، و هكذا دخلت في صمت- أرجو ألا يطول- و عما قريب يسمع صوتي في هذا العالم.

النجوم... تلك الكرات الملتهبة التي تبعد عن كوكبنا الذي نعيش عليه بمسافات شاسعة تقاس بالسنين الضوئية، و هي لذلك تبدو لنا أنها تلك النقاط اللامعة في ظلام الليل، و تلك الومضات المتعلقة في بساط أسود من فوقنا.

النجوم هي تلك التي توحي لك بشيء من الأمل، فهي ضوء في وسط الظلام، و هي التي تهدي الناس في الصحراء، و هي التي يستدل بها علي وجود الله.

و هي التي تعطيك ذاك الإحساس بالسمو و الارتقاء، فهي كانت ولا زالت يضرب بها المثل في العلا، فيقول عنترة:
و لي بيت علا فلك الثريا تخر لعظم هيبته البيوت

فالنجوم دائما هي الأمل، هي الهداية، هي السمو و الطموح بعينه، هي الحقيقة و النجاة. و لكن... ماذا يحدث إذا كثرت الحقائق؟ و ماذا يحدث إذا اختلطت الأمور علي الناظر للنجوم، فلا يدري بأيها يهتدي؟ سيصاب بشيء من الدوار و كثرة التفكير و التأمل ليصل إلي حبل النجاة، ليصل إلي الطريق الصحيح، و الصواب (الأكيد) و لكنه حتما لن يصل... فهو مهما بلغ، آخر طموحه هو أن يصل إلي ما يظنه (هو) الصواب فيتحول بذلك إلي نجم آخر.

و هذا هو الحال في عالم الأفكار، حيث النماذج المعرفية المختلفة، و الأطر المفاهيمية المتعددة، و التي علي أساسها يضع كل إنسان تصوراته و أفكاره التي يؤمن بها. فعالم الأفكار ليس فيه حقيقة واحدة، و إن كان الحق دائما واحد، فإدراكه يختلف ، مما ينتج دائما أفكارا مختلفة لكل مدرك من مدركات هذا العالم الخاص بالعقل الإنساني. و لذلك فالهداية في عالم الأفكار نسبية، و إن كان كل إنسان يعتقد اعتقادا جازما لا مجال للشك فيه بهذه الفكرة أو تلك، ففي النهاية غيره يراها برؤية مغايرة. فهي ليست كقواعد العلوم الطبيعية، كل فكرة جديدة تمحو ما قبلها و تثبت فشله، و لكن كل فكرة فيه تعد إضافة لهذا العالم، لا تثبت قطعيا فشل فكرة أخري، و إن كانت تحاول دائما إثبات أنها الأفضل بين هذه الأفكار. و بقدر ما تكون حجتها في ذلك بقدر ما يزداد بريقها و لمعانها في سماء الأفكار.

فتلك هي نجوم الأفكار، و كل نجم فيها ولد ليحتار فيختار فيسمو فيدعو فيحير و ينير.و حينها فقط يصبح أحد تلك التي أسميها "نجوم الحيرة".
و العجيب أن هذه النجوم لشديدة الشبه بنظيراتها الطبيعية. و أحب هنا أن أتوقف عند ثلاث من التشابهات في الظواهر التي تحدث في كلا العالمين:
أولا: التبعية... فنجوم السماء لها أتباع يدورون حولها ، يستضيئون بضوئها، و كذلك نجوم الأفكار – أو نجوم الحيرة – فلها أتباع يدورون حولها و يتعلقون بها. و هذه النجوم و تلك أيضا تدور حول مركز أخري هي بدورها متعلقة بها.
ثانيا:الإنارة و الاستنارة... فالنجوم تنير لما يتبعها، هذا ذا كان له من الغاز عليه ما يسمح بالإضائة الساظعة التي يتمتع بها كوكبنا، و نفس الحال فالأفكار اللامعة تنير العقول المقتنعة بها إذا كانت لديها من التفكير ما يسمح بذلك. و قد تنير النجوم أجساما أخري، قد تظهر للرائي منيرة و لكنها ليست كذلك في ذاتها و إنما هي تعكس ضوء ذاك النجم فتبدو منيرة، تلك هي الأفكار التابعة للأفكار العظيمة، التي تمثلها الأقمار في عالم النجوم.
ثالثا: عالم نجوم الطبيعة عالم لا نهائي، فهو في اتساع مستمر ، و كذلك عالم الأفكار عالم تولد فيه دائما نجوم جديدة ، فهو لا نهائي في مساحته و في أبعاده و ظواهره.
هذا بعض ما يخطر ببالي حين أقارن بين هذين العالمين الرائعين. و لكن قد يتساءل البعض... إننا نعيش في هذا العالم الذي نشعر به، و نحسه و نلمسه، عالم الظواهر و الأحداث ، لماذا نهتم بعالم آخر يعيش فيه العقل في خيالاته و أوهامه؟
إن عالم الأفكار هو عالم له تأثيره علي عالم الظواهر و الأحداث، و هو أيضا يتأثر به. فقد يكون مفهوم في عالم الأفكار استمد قوته من القوة التي أنشأته في عالم الأحداث، و قد يكون حدث أو ظاهرة، نشأت بقوة تأثير نجم ساطع جديد في عالم الأفكار. لذلك فالرقي في عالم الأفكار يصحبه رقيا أثراه و تأثر به في عالم الظواهر و الأحداث. فمن كان يطمح أن يصير يوما من نجوم الحيرة، فهو يطمح بذلك أن يكون نجما في تاريخ عالم الأحداث... و يبقي الطموح هو صانع النجوم في أي عالم كان.
و طموحي أن أكون نجما ليس له مثيل في سماء الأفكار، بحيث يصل بريقه الخاطف إلي عالم الظواهر و الأحداث فيؤثر في تغيير عالمنا الذي نعيش فيه إلي الأفضل. لهذا فأنا عمرو طموح... مشروع نجم.